هل تعلم يا صديقي ماذا تعني نقطة الإنكسار؟ إلتقط أنفاسك فلن أعطيك درسًا في الفيزياء، نحن نتحدث عن كرة القدم ولا شئ آخر.. نجح يورجن كلوب في تشكيل فريق أعاد ليفربول إلي منصات التتويج مرة أخري بعد غيابٍ طويل، وإقترب للغاية من معانقة لقب البريميرليج الغائب منذ 30 عامًا.
ولكن بدأ منحني فريق ليفربول في التراجع بشكل مفاجئ بعد الخروج من دوري الأبطال والهزيمة في الدوري الإنجليزي، كما تعلم يا صديقي فلا يوجد شئ كاملٌ في هذه العالم، لكل شئ عيوبٌ وليفربول ليس إستثناء.
فلسفة يورجن كلوب
في كرة القدم لدينا نوعان من الإستحواذ، إستحواذ الكرة الذي يتبعه بيب جوارديولا، وإستحواذ المساحة الذي يُفضله العديد من المُدربين أمثال يورجن كلوب ودييجو سيميوني.
يورجن كلوب لا يُمانع أن يترك الكرة في سبيل الإبقاء علي خطوط فريقه متقاربه للغاية، قد لا تتجاوز الـ 30 مترًا بين خط الدفاع ووسط الملعب، كي يستطيع تضييق المساحات علي المنافس وعدم إعطائه فرصة للوصول إلي مرمي فريقه، منتظرًا اللحظة المناسبة لتطبيق الضغط للقيام بالهجمات المرتدة.
الأمر الثاني في أسلوب كلوب هو الضغط، أو ما يُسمي تحديدًا ” Gegen-Pressing ” أو ما يُسمي بالضغط المضاد.
يقول يورجن كلوب ” لأ أملك صانع ألعاب، بل الضغط هو من يصنع اللعب لصالح فريقي “، يعتمد ضغط كلوب علي إسترجاع الكرة في مناطق قريبه من مرمي الخصم، مما يجعل فريقه قادر علي الوصول لمرمي الخصم في أسرع وقت وبأقل عدد ممكن من التمريرات، دون الحاجه إلي إعادة بناء اللعب من جديد بعد إسترجاع الكرة علي غرار أسلوب جوارديولا.
يحتاج هذا الأسلوب إلي لاعبين في أوج قوتهم البدنية حتي يستطيعون القيام بالركض والضغط في كل دقائق المباراة، ولكن أسلوب كلوب في حد ذاته لديهم بعض العيوب القاتله.


من الذاكرة.. من الذي أحرج كلوب تكتيكيًا وكيف ؟
يُمكنك أن تتذكر جيدًا ما فعله سيميوني أمام كلوب منذ شهر تقريبًا، بل وأيضًا كارلو أنشيلوتي مع نابولي ولكن هل تعرف ما القاسم المُشترك بين الثنائي؟ إنه الـ 4-4-2 الإيطالية الصريحة.
لدينا مُصطلح إيطالي يُدعي الـ” Squadra Corta “، وهو نظام لعب يمتاز بتضييق المساحات وتقارب الخطوط، حيث يتحرك الفريق ككتلة واحدة للأمام أو الخلف، مع الإبقاء علي المساحة بين خطي الدفاع والوسط أقل ما يُمكن، بالمناسبة إعتمد يورجن كلوب علي هذه الأسلوب بشكل أساسي للغاية أثناء تواجده مع بوروسيا دورتموند وحتي الموسم الماضي في ليفربول خلال منافسات دوري الأبطال.
حجر الأساس في هذا الأسلوب هو إرتباط كل لاعب بزميله حتي يستطيع الفريق خلق تزامن بين تحركات كل لاعبٍ وزميله في الفريق، الجوهر هنا في الرقابة لأجل حماية المساحات وليس الرقابة الفردية للمنافس.
الفقر الإبداعي
يعتمد يورجن كلوب علي طريقة الـ 4-3-3 مع فريقه الحالي ليفربول، بتواجد ثلاثي الوسط المكَون من ” هيندرسون- فينالدوم – فابينيو “، وكما تري يتميز الثلاثي بالقوة البدنية واللياقة العالية ولكن، هذا الثلاثي فقير للغاية فيما يتعلق بخلق الفُرص وتغيير إيقاع المباراة وخاصة المباريات الكُبري، لا يوجد أحد في وسط ملعب ليفربول قادر علي التحكم في رتم المباراة علي غرار أندريس إنييستا أو لوكا مودريتش.
حتي بتواجد أليكس تشامبرلين والذي يُضيف بعض الديناميكية إلي وسط ملعب ليفربول حيث يقوم بالزيادة العددية في منطقة الفريق المنافس، أو التصويب من خارق منطقة الجزاء، ولكن ماذا سيحدث إذا واجهت فريقًا يستطيع غلق جميع المنافذ أمامك ولديه حارس مرمي علي مستوي عالٍ؟ أتليتكوا مدريد علي سبيل المثال.
فريق ليفربول يواجه الكثير من المشاكل أثناء بناء الهجمات في حال تطبيق الضغط العالي عليهم، ويحتاج إلي تغيير هذه التركيبة ولو قليلًا خاصة أمام الفرق التي تترك الكرة ووتعتمد علي التكتل الدفاعي، حينها يجتاج كلوب إلي لاعبٍ مميز في التمريرات البينية أو السيطرة والإستحواذ علي الكرة تحت الضغط.
إستغلال المساحات خلف الظهيرين
بسبب تواضع المستوي الفني لوسط ميدان ليفربول لجأ يورجن كلوب إلي حلٍ بديل، وهو الإعتماد علي الأطراف بشكل مُركز مع تأمين الحماية من لاعبي وسط الملعب.
لدينا أرنولد وروبرتسون، أفضل ثنائي في العالم حاليًا علي مستوي الأظهرة، يعتمد كلوب إعتمادًا كُليًا علي إختراقات هذا الثنائي في منظومة لعب ليفربول ولكن بأي ثمن؟
إنطلاقات الثنائي المُستمرة تترك خلفهما مساحاتٍ يسهل إستغلالها إذا تواجد فريق يمتلك القدرة علي التحول الهجومي بشكل سريع، بل وأيضًأ يمُكنك غلق المساحات أمام الثنائي وإجبارهما علي لعب الكرات العرضية من قبل منطقة الجزاء ” Deep Crossing ” وهو ما يُضعف من نسبة نجاح هذه العرضيات، مثلما حدث في مباراة واتفورد الأخيرة في الدوري حيث قام أرنولد بـ 10 عرضيات مقابل 8 لـ روبرتسون لكنهم لم يستطيعوا إرسال أي عرضية بشكل صحيح بسبب الضغط المفروض عليهم.
والأسوأء من ذلك هو إستغلال المساحات خلف الظهيرين لضرب دفاعات ليفربول، الكرات المرتدة غالبًا ما تشكل خطورة علي ليفربول حال تواجد لاعبين سريعين في هجوم الفريق المنافس، وليس بالضرورة أن يكون اللاعب قويًا علي المستوي الفني، كل ما يحتاجه هو السرعه في التحول الهجومي المباشر علي مرمي ليفربول.
كمثال علي هذا الأمر، نتذكر ما حدث في مباراة ساليزبورغ في مجموعات دوري الأبطال هذه النسخة، وأيضًأ ثلاثية أتليتكوا في معقل الأنفيلد، قبل الهزيمة المُدوية لليفربول أمام واتفورد وضياع حلم الدوري الذهبي.
أُنظر أيضًا: لا أحد يريد أن يُصبح ظهيرًا؟ حسنًا في ليفربول سنقوم بتغيير ذلك
غياب الشريك المناسب
لا يختلف إثنان علي أحقية فان دايك في أن يكون المدافع الأفضل في العالم في الوقت الراهن، ولكن ماذا إن لم يكن فان دايك في يومه؟ من يستطيع تحمل عبء دفاع ليفربول؟ الإجابة لا أحد.
تغيَر شريك فان دايك في قلب الدفاع أكثر من مرة فقد رأينا ” لوفرين- جوميز – ماتيب ” في عدة مناسبات ولكن لم يستطع أحد منهم إثبات أحقيته بالمركز الأساسي، قد يكون ماتيب هو الأقرب لخطف هذا المركز خاصة بعد الأداء القوي أمام برشلونة الموسم الماضي، لكن يعيب المدافع الكاميروني تذبذب المستوي بالإضافة إلي الإصابات المُتكررة.
فيما يتعلق بالمدافع الكرواتي لوفرين فقد كان المدافع الأساسي في ليفربول حتي قبل مجئ فان دايك، لكن مستواه بدأ في التراجع بشكل ملحوظ منذ خسارة نهائي دوري الأبطال أمام ريال مدريد حتي أصبح في مقاعد البدلاء.
جو جوميز هو اللاعب الجوكر في خط دفاع ليفربول، يتواجد في قلب الدفاع أو الجانب الأيمن في بعض المباريات عند إصابة أحد اللاعبين، يُقدم مردود جيد حتي الآن لكنه لم يستطع فرض نفسه علي تشكيلة كلوب حتي الآن،
يُؤخذ علي منظومة ليفربول الدفاعية بشكل عام سوء التمركز ونقص التركيز في أوقات كثيرة خلال المباريات مما يتسبب في هفوات قاتلة قد تُكلف الفريق كثيرًا إذا ما تواصلت الأخطاء علي هذا المنوال.
دكة بدلاء متواضعة
يفتقد ليفربول بشدة إلي دكة بدلاء قوية قادرة علي قلب موازين المباريات، وهو أحد الأسباب الرئيسية في خسارة لقب البريميرليج الموسم الماضي لصالح مانيستر سيتي الذي يمتلك تشكيلة قوية للغاية علي الصعيدين الأساسي والإحتياطي.
أدريان الحارس الإسباني الذي بعث التفاؤل في نفوس جمهور الريدز في بداية الموسم بعد إصابة أليسون بيكر، قد قدم واحدة من أسوأ العروض أمام أتليتكوا، ويتحمل الحارس جزءًا كبيرًا من خروج ليفربول من دوري الأبطال.
أيضًا جوردان شاكيري الذي أتي من ستوك سيتي لمنافسة محمد صلاح علي مقعد أساسي في الفريق، ولكن مشاركته مع الفريق ضعيفة للغاية وقد لا تُذكر في الفترة الأخيرة، ولدينا مينامينو الذي أتي في الإنتقالات الشتوية الماضية ولم يلعب سوي لدقائق معدودة مع الفريق.
وهناك لاعبون أمثال آدم لالانا، نابي كيتا اللذان لم يُقنعا جمهور الليفر بمستواهم حتي الآن خاصة الأخير الذي عُلقت عليه الآمال نظرًا للمقابل المادي الضخم الذي دفعه ليفربول لأجل الظفر بخدماته.
لكل مدرب أفكاره وفلسفته الخاصة في كرة القدم، وما يُقدمه كلوب يُجبرك علي إحترامه حتي لو لم تكن من مناصري كرة القدم التي يُقدمها، فهذا هو جوهر كرة القدم، الإختلاف والتنوع في أشكال كرة القدم هو ما يجعل منها لعبة إستثنائية.