في الأرجنتين وُلدت، أرض دييجو وليونيل، وأطفال مالفيناس الذين لن أنساهم أبدًا”.. “لا أستطيع أن أشرح لك، لأنك لن تفهم، كم سنة بكيت على النهائيات التي خسرناها”.. “يا رفاق، الآن نرفع آمالنا مرة أخرى، أريد الفوز بالثالثة، أريد أن أكون بطل العالم”.. “ودييجو في السماء يمكننا رؤيته، مع دييجو وتوتا، نشجعوا ليونيل”.
يا لبراعة المشجعين الأرجنتينيين عندما يتعلق الأمر بتأليف الأغاني لتشجيع المنتخب!
يقولون في الأرجنتين عندما تُطلق الصافرة وتبدأ مباراة للمنتخب، لا شيء آخر مهم، يقولون أنه يمكنك تغيير صديقتك/أصدقائك وفرقتك الموسيقية المفضلة وحتى الدين، ولكن ليس قميصك، ويقولون إنه لا يمكن تفسيره بالكلمات ولكن هذا الذي يحدث هناك، ذلك الشغف الأرجنتيني الذي يحرك العالم بأسره.
الأرجنتين وكأس العالم:
باتت أيام قليلة تفصلنا عن بدء أهم وأعرق بطولة دولية وهي كأس العالم 2022 في قطر، ويعد منتخب الأرجنتين من الفرق ذات التاريخ الكبير في البطولة مع امتلاكها لقبين، حيث بلغت نهائيات كأس العالم للمرة الثامنة عشرة في تاريخها، لتكون ثالث أكثر منتخب يشارك في كأس العالم بالتساوي مع إيطاليا.
تُوج منتخب الأرجنتين بطلًا لكأس العالم مرتين 1978 و1986، وكان وصيفًا لبطل كأس العالم ثلاث مرات 1930 و1990 و2014، ووصل إلى دور ربع النهائي أعوام 1966 و1978 و2006 و2010.
#SelecciónMayor Historia de @Argentina en los Mundiales 🏆.
📝 https://t.co/DMmMRvVzIB pic.twitter.com/aVsaTRyymJ
— Selección Argentina 🇦🇷 (@Argentina) November 17, 2022
والجدير بالذكر أن عام 1930 كانت أول مشاركة للمنتخب في البطولة خلال النسخة الأولى للمسابقة في دولة أوروجواي، حيث حل منتخب الأرجنتين وصيفًا للبطل بعد خسارته أمام فريق البلد المضيف بنتيجة 4-2.
منتخب الأرجنتين يرتدي القمصان الصفراء للمرة الأولى والأخيرة!:
وبالحديث عن ذكريات الأرجنتين وكأس العالم، سنقفز بكم إلى نسخة 1958 والتي أُقيمت بدولة السويد، حيث شهدت أول مباراة في دور المجموعات قصة طريفة لا تتكرر كل يوم، حين أجبر الحكم الإنجليزي ريجينالد ليف لاعبي منتخب الأرجنتين على ارتداء قمصان تحمل اللون الأصفر أمام ألمانيا الغربية، فكيف حدث ذلك؟
التقى منتخب الأرجنتين مع نظيره ألمانيا الغربية، في افتتاحية كأس العالم 1958، وتحديدًا في يوم 8 يونيو، لكن قبل انطلاق المباراة دخل الحكم الإنجليزي لمعاينة ملعب مالمو والذي يستضيف أولى مباريات كأس العالم حينها، ولكن بالنظر من بعيد وجد أن قميص منتخب ألمانيا الغربية الأبيض سبّب مشكلة في الرؤية مع قميص منتخب الأرجنتين الذي يجمع اللونين الأبيض والسماوي.
هذا المشهد جعل الحكم الإنجليزي يتخذ قرارًا بضرورة الاحتكام لقرعة من أجل تغيير قميص من المنتخبين، خاصة وأن كليهما كانا يرتديان سراويل قصيرة وجوارب تحمل اللون نفسه وهو اللون الأسود!
في تلك الأثناء، قام الحكم ليف باستدعاء قائدي منتخب الأرجنتين وألمانيا الغربية لإبلاغهما بقراره، وبعد إجراء القرعة قرر أن يستبدل لاعبي التانجو قمصانهم وارتداء الزي البديل.
ولكن المفاجأة، أن منتخب الأرجنتين حضر للمشاركة في كأس العالم 1958، بالزي الأساسي فقط وبدون أي أطقم بديلة خاصة به، وبالتالي لحل تلك الأزمة قام أحد قيادات فريق أي إف كي مالمو السويدي، والذي كان حاضرًا في مدرجات الملعب، بعرض إمكانية استعارة منتخب الأرجنتين القميص الخاص بفريقه، وهو ما وافق عليه منتخب الأرجنتين.
وكانت بمثابة المرة الأولى والأخيرة في تاريخ منتخب الأرجنتين التي يظهر فيها راقصي التانجو بقمصان تحمل اللون الأصفر، وكانت 1958 أسوأ نسخة قدمها المنتخب الأرجنتيني على الإطلاق في تاريخ البطولة في العالم، بعدما ودّع المونديال من دور المجموعات.
الأرجنتين بطل العالم عام 1978:
حقق المنتخب الأرجنتيني بطولة كأس العالم لأول مرة في التاريخ، وعانى كثيرًا في المباراة النهائية التي جمعت بينه وبين المنتخب الهولندي والتي انتهت بنتيجة 3-1، حيث أقيمت البطولة في ظل مشاكل سياسية في الدولة بعد انقلاب 1976، ولكن على الرغم من ذلك فاز راقصي التانجو عندما كان عليهم الفوز، وكان بقيادة المدرب سيزار لويس مينوتي حين ذاك.
كان ماريو ألبرتو كيمبس أفضل لاعبي البطولة حيث احرز 6 أهداف، وتمكن من أن يكون هدافًا لكأس العالم، وجميع أهدافه كانت لها قيمة أكثر من كونها مميزة، سجل هدفين ضد بولندا وهدفين ضد بيرو في الليلة التي احتاجت فيها الأرجنتين للفوز وهدفين ضد هولندا في المباراة النهائية.
انتشرت صورة في ذلك الوقت ولا تزال مبدعة، بمجرد فوز الأرجنتين في النهائي، دخل أحد المشجعين الملعب وركع مع فييول وتارانتيني وكان المشجع قد فقد ذراعيه في حادث في سن 12 عامًا وانضم لإحتضان اللاعبين الأرجنتينيين الراكعين بجانبهم، وذلك بالفعل هو عناق الروح.

الأرجنتين بطل العالم للمرة الثانية، عام 1986:
لكي تكون بطلاً عليك أن تهزم الأفضل، الأحلام يجب أن تتحقق، الانتقام طبق يقدم باردًا، بهذه العبارات الثلاثة يمكنك تضمين ما تعنيه كأس العالم 1986 للمنتخب الأرجنتيني، مرحلة أخرى حيث تغلب على ثلاثة أبطال العالم، وحققوا الانتصار بالفعل ضد ألمانيا الغربية بنتيجة 3-2.

مارادونا يد الرب:
هذه البطولة نقلت دييجو أرماندو مارادونا إلى مكان لا جدال فيه، ولكن ليس فقط بسبب القصة الشهيرة لهدفه أمام انجلترا في نصف النهائي، بل بسبب كلماته التي قالها عندما انتهى النشيد قبل انطلاق المباراة لزملائه وكانت: “هيا، لنذهب، هؤلاء الأوغاد قتلوا أطفالنا، أصدقائنا، جيراننا، لا يمكننا الخسارة”.
وكانت فرصة تاريخية انتقم المنتخب لما حدث قبل 4 سنوات في جزر مالفيناس وقبل 20 عامًا في كأس العالم في إنجلترا 1966، وحققوا بالفعل الانتصار على المنتخب الإنجليزي بنتيجة 2-1 ليصعدوا للنهائي ويرفعوا الكأس.
أما عن هدفي القرن في مباراة انجلترا الذان سجلهما مارادونا الملقب بالفتى الذهبي، الأول عندما نجح في الدقيقة 51 في خداع الجميع وسجل هدفًا باليد احتسبه الحكم التونسي بن ناصر رغم احتجاجات لاعبي المنتخب الإنجليزي ومطالبتهم بإلغاء الهدف العجيب، لكن الحكم التونسي أصرّ على احتساب الهدف.
لم يكتفِ الأسطورة ونجح في هدفاً آخر بعدما تجاوز 7 لاعبين من لاعبي منتخب إنجلترا لتوضع الكرة في الشباك.
Iconic World Cup Moments
Diego Maradona v England 1986
Commentator Barry Davies #FIFAWorldCup #WorldCup #WorldCup2022 #Qatar2022 #Qatar #WorldcupQatar2022— Goal (@Goal0011) November 19, 2022
وعندما سُئل الحكم التونسي عن هذه المباراة قال قولته الشهيرة: “الهدف كان قليلا برأس مارادونا وقليلا بيد الرب”.
كان مشجع أرجنتيني يبكي بعد وفاة الأسطورة ماردونا وتمكن من التعبير أمام الكاميرا قائلًا: “لم يكن لدينا حتى ما يكفي من الطعام وهذا الرجل جعلنا سعداء”، الآن فهمت لماذا يد الرب في مكانٍ لا يمكن لأحد الجدال فيه.
ليونيل ميسي هو كرة القدم:
حقق النجم الأرجنتيني أكبر عدد من الأهداف في تاريخ كرة القدم، وأكبر عدد من الكرات الذهبية، لكن هناك شيء واحد لم يكن قادرًا على فعله أبدًا وهو الفوز بلقب كأس العالم.
شارك ميسي في كؤوس العالم بنسخ 2006 و2010 و2014 و2018 ولكن كان الإنجاز الأبرز له هو الوصول إلى نهائي نسخة 2014 حين خسرت الأرجنتين أمام ألمانيا بهدف نظيف.
كان أفضل أداء له مع الأرجنتين بلا شك بكأس العالم 2014 في البرازيل وكان أفضل لاعب في العالم حين ذاك، وبالرغم من هذا كانت المباراة النهائية التي خسرها أمام ألمانيا تعني ضربة قوية للغاية بعد كل هذه التوقعات للفوز بكأس العالم مرة أخرى بعد 28 عامًا كان تحديًا كبيرًا، وكان ليونيل ميسي أكثر أولئك الذين عانوا.
كشف فابيان سولديني الممثل السابق عما تحدث عنه مع ميسي في 2015، بعد عام من الهزيمة أمام ألمانيا في نهائي كأس العالم وقال: “عندما كنت في المنزل عند ليونيل، قال لي فابي، قبل عام استيقظت ليلاً أفكر في المباراة النهائية ضد ألمانيا، لا أستطيع النوم”.
وها قد بدأ العد التنازلي لبداية كأس العالم 2022، وأحد المرشحين بعد فوزه بكأس كوبا أمريكا، كما أنه لم يُهزم لفترة طويلة هو الأرجنتين، حيث يقود الفريق سكالوني المدير الفني للمنتخب بعد خورخي سامباولي الذي أقيل من مهامه عقب خروج الأرجنتين من ثمن نهائي كأس العالم 2018.
ويُشار إلى هذه البطولة على أنها الأخيرة للأسطورة ليونيل ميسي، وبالطبع فرصته الأخيرة لتحقيق اللقب، ومن أجله يأمل معظم عشاق كرة القدم أن يحقق أغلى وأقوى الألقاب في مسيرته، حيث صرح بعض زملائه في المنتخب أنهم مستعدون لأي شيء من أجل أسطورة كرة القدم ليونيل ميسي.
في النهاية، ربما ستكون الكلمات التالية هي جزء من أهازيج مشجعي منتخب التانجو الذين سيتواجدون مع منتخب بلادهم لتشجيعهم في كأس العالم 2022 في قطر.
“سنعود، سنعود مرة أخرى، سنكون أبطالًا كما في عام 1986”
“تعال، تعال، غني معي، ستجد صديقًا ويدًا بيد، مع ليو ميسي سنذهب طوال الطريق”.
اقرأ أيضًا:
تعرف على موعد مباراة الأرجنتين ضد السعودية في كأس العالم قطر 2022