لم تشفع النتائج التي حققها المدير الفني السابق لباريس سان جيرمان (لوران بلان) علي المستويين المحلي والأوروبي في الإبقاء عليه علي رأس الإدارة الفنية لنادي العاصمة. لوران بلان قضى ثلاث سنوات رفقة نادي العاصمة هيمن فيها علي كافة المسابقات المحلية، محرزاً ثلاث بطولات للدوري ومثلها لكأس الرابطة الفرنسية وبطولتين للكأس الفرنسية وثلاث بطولات للسوبر الفرنسي، جعلت من (البي إس جي) القطب الأوحد للكرة الفرنسية في الأعوام الثلاثة المنقضية. لكن نتائج (بلان) الأوروبية كانت الفيصل في تحديد مصيره، إذ لم يتجاوز الدور ربع النهائي في مسابقة دوري الأبطال في ثلاث مرات متتالية، الأمر الذي -بلا شك- لايتناسب مع طموحات الإدارة ولا مع حجم الإنفاق، فجاء الإنفصال بين الطرفين كما كان متوقعاً.
-الحلم صار أكبر…
من المؤكد أن القطري ناصر الخليفي عندما استحوذ علي ملكية (البي إس جي) في عام 2011 لم تكن طموحاته متوقفة عند حد الهيمنة علي الكرة المحلية. فالخليفي كان ولازال يسعي نحو المجد الأوروبي ومعانقة كأس دوري الأبطال، الأمر الذي يضع نادي العاصمة في مصاف الكبار تاريخياً. أنفق رجل الأعمال الشاب الملايين وجلب أبرز الأسماء في سبيل تحقيق مبتغاه، أمثال زلاتان إبراهيموفيتش.. تياجو سيلفا.. لافيتزي.. لوكاس مورا.. ديفيد لويز.. دي ماريا.. إلي أخر القائمة. بينما ظل اللقب عصياً، فكان لابد من القيام بثورة تصحيحية مع بداية الموسم وإحداث تغييرات في الإدارة الفنية وبناء الفريق.
-أوناي إيمري.. رياح التغيير تهب علي عاصمة الأنوار
في مطلع هذا الشهر أعلن النادي الباريسي عن تعيين أوناي إيمري مديراً فنياً جديداً له. ربما لم يكن الإسباني في مقدمة اهتمامات الخليفي حتي شهور قليلة مضت، لكن ومع ارتباط أبرز الأسماء كمورينيو وجوارديولا وكونتي بعقود جديدة مع أندية أخري، أصبح أوناي إيمري أنسب الأسماء المتاحة علي الساحة. المدير الفني الشاب حقق نجاحات غير مسبوقة مع إشبيليه طوال ثلاثة أعوام كان فيها علي رأس الإدارة الفنية للنادي الأندلسي، أحرز خلالها بطولة الدوري الأوروبي ثلاث مرات علي التوالي قاد إشبيليه في 205 مباراة فاز في 107 منها وتعادل في 43 وخسر في 55 أخري. من أبرز مميزات إيمري هي قدرته علي بناء فريق متماسك من لاعبين متوسطي المستوي وإجادة التعامل مع أقل الإمكانات المتاحة لتحقيق النتائج المرجوه. الإسباني ينتهج علي المستوي التكتيكي خطة 4/2/3/1 حيث الاعتماد علي الكرة الهجومية والضغط العالي علي الخصم مع سرعة الإنتقال من الدفاع للهجوم، فضلاً عن إتاحة الفرصة أمام اللاعبين الشباب وقدرته علي تطوير أداء المواهب الصاعدة وأبرز الأمثلة خوان ماتا وجوردي ألبا وإيفر بانيجا ودافيد سيلفا.كل ذلك ربما قد يجعل من إيمري الخيار الأنسب أمام إدارة (البي إس جي)، وخاصة في ظل وجود كوكبة من اللاعبين المتميزين. ولكن ربما تكون عدم قدرته علي الوصول لمراحل متقدمة في دوري الأبطال مع الفرق التي يدربها هي أبرز سلبياته.
-تعاقدات بارزة ورحيل أسطورة…
مع بداية موسم الإنتقالات الصيفية، أعلن نادي العاصمة تعاقده مع لاعب نيس المتألق في الموسم الماضي (حاتم بن عرفه)، أعقبه بتعاقدين متميزين مع الظهير الأيمن لكلوب بروج (توماس مونييه)، ولاعب الوسط البولندي (كريتشوفياك)، فضلاً عن الموهبة الأرجنتينية (جيوفاني لو سيلسو)، ومازال أمام باريس سان جيرمان المزيد من الوقت للتعاقد مع لاعبين أخرين، خاصة في ظل رغبة الإدارة في تدعيم كافة المراكز، حتي يتوافر أكثر من بديل لكل لاعب في ظل كثرة المنافسات التي يخوضها الفريق. وقد ارتبطت أخبار عدة برغبة نادي العاصمة بالتعاقد مع مهاجم إيفرتون (روميلو لوكاكو) و الكولومبي (كارلوس باكا) في ظل عدم وضوح موقف كافاني ورحيل زلاتان، وكذلك الظهير البرتغالي (ريكاردو رودريجيز) فضلاً عن صاحب ال19 عاماً البرازيلي جابرييل خيسوس.

أما عن الراحلين حتي الآن عن صفوف باريس سان جيرمان، فبالتأكيد زلاتان إبراهيموفيتش هو الغائب الأبرز عن تشكيلة (الحمر والزرق) الموسم المقبل. فخلال أربع مواسم قضاها في جنبات ملعب حديقة الأمراء، أصبح الهداف التاريخي للنادي برصيد 156 هدف في 180 مباراة لعبها بألوان نادي العاصمة، وعلي الرغم من الفراغ الذي سيحدثه رحيل إبرا إلا أنه ربما يمنح المزيد الحرية والإرتياحية للخط الأمامي للبي إس جي خاصة في ظل وجود كافاني الذي عاني كثيراً في ظل تألق زلاتان وكان بديلاً له في الكثير من المباريات. كما أعلن كل من الظهير الهولندي (فان دير فيل) وحارس المرمي (نيكولاس دوشيز) رحيلهما عن صفوف الفريق في ظل تضاؤل فرصهما للعب كأساسيين وامتلاك النادي للاعبين مميزين في مركزيهما.
ربما ينجح (البي إس جي) العام المقبل في تخطي عقبة دور الثمانية، والتخلص من العقدة التي لازمته طوال الأربعة أعوام الماضية في ظل توافر دماء جديدة وإدارة فنية ونهج تكتيكي مختلف، أو يكون في حاجة إلي المزيد من المحاولات في سنين مقبلة للوصول إلي قمة الهرم الأوروبي.