كتب: عبدالرحمن هشام
بالتأكيد من الهراء أن تتم مقارنة مثل هذه.. أي مخبول هذا هو الذي يقارن أي شئ في منظومة محترمة بها نظام يطبق وجميع عناصرها تشارك فيها، بمنظومة أخرى مهترئة ولا يرجى منها خير؟! أيُعقل أن يكون شخص يقار نادي فرنسي بنادي مصري؟!. لكن تمهل لحظة من فضلك… فلربما تحمل السطور التالية في طياتها ما يوضح لك الفكرة.
الطبائع البشرية والغرائز واحدة، فكلنا بشر بداخلنا نفس النوازع والشهوات سواء كنت في مصر أو فرنسا أو في الواقواق. وسننتهج منهجنا في الحديث بذكر الأحداث أولا ثم تحليلها فيما بعد.
أولا:ناصر الخليفي
رجل أعمال قطري ثري ثراء فاحش، يملك عدة شركات، امتلك نادي العاصمة الفرنسي منذ عام 2011. ومنذ ذلك الحين وهو يسعى لجعل فريقه الأبرز على الساحتين المحلية الفرنسية والقارية الأوروبية، وربما هذا ليس لأجل باريس، لكن لأجل أن يبزغ نجم ناصر. في سبيل ذلك سعى للتعاقد مع عدة لاعبين أبرزهم بيكهام وزلاتان إبراهيموفيتش وأخيرا نيمار بصفقة هي الأغلى في تاريخ المستديرة. وعلى صعيد المدربين حاول أن يستقطب العديد من الأسماء الكبرى في عالم التدريب.
وقد نجح الخليفي في هدفه الأول وكسر احتكار أوليمبك ليون للمنافسات المحلية، لكنه فشل في الثانية ولم يصل لمبتغاه الأوروبي.
ثانيا :مرتضى منصور
محامٍ مصري شهير، معروف بإثارة الجدل، تولى رئاسة الزمالك عام 2014، سعى لخلق حالة من السيادة المحلية والإفريقية للزمالك؛ لكي يصبح مرتضى هو صاحب الفضل وهو نجم الشاشات لا لكي يعود الزمالك لمكانته الطبيعية. في سبيل إرضاء ذاته وتحقيق هدفه تعاقد مرتضى مع وابل من اللاعبين والدربين، وقد كان قاب قوسين أو أدنى من التسيد في 2015 إلا أنه أبى ذلك فأقال مدربه الأفضل في السنوات العشر الأخيرة وشتت شمل لاعبي هذا الفريق.
لا يعد ناجحا إذا ما قارنّاه بالخليفي، فالخليفي محليا أصبح “بعبع” فرنسا، ولا يزال يكافح على المستوى القاري.
التحليل
يهدف كلا من الخليفي ومرتضى لتحقيق النصر الشخصي والظهور في الإعلام، إلا أن الخليفي كان أوفر حظا من منصور، فهو مالك شبكة قنوات هي الأكبر في الشرق الأوسط على الصعيد الرياضي. كل من رئيسي الناديين استخدما نفس الوسائل في إدارة أنديتهم فهم يؤمنون أن شراء اللاعبين اللامعين، والتعاقد مع المدربين المسلطة الأضواء عليهم من شأنه أن يصل بفرقهم إلى المكانة التي يطمحون إليها. (لا يؤمن مرتضى بنقطة المدربين تلك)
تعاقد كل من الفريقين مع كثير من اللاعبين الذين ذاع صيتهم، لكن الرئيسين أغفلا نقطة هامة.. وهي الحفاظ على هوية فرقهم. تعاقد الزمالك مع العديد من اللاعبين من فرق الدرجة الثانية وفرق أخرى كانت مهددة بالهبوط –وربما هبطت بالفعل – ، ولا ننكر وجود لاعبين مميزين من بين هؤلاء، لكن كان دائما اللاعب يأتي للزمالك ليلعب مع شيكابالا وحازم وعمرو زكي وعبدالحليم، إولئك الذين يمثلون هوية الزمالك وشخصيته ويجعلون له رونق مختلف.
لكن أتى اللاعبون الجدد فوجدوا أنفسهم محاطين بزملائهم في فرق وسط وذيل الجدول، فأصبح الأمر مألوفا ولاجو طبيعيا، فلا هوية ملموسة في الملعب، فنجد اللاعبون يحتفلون بهدف تعادل مع المقاصة، وفوز متعسر على سموحة، وهي الفرق التي من المفترض أن يتفوق عليها الزمالك بحكم اسمه وتاريخه.
الخليفي على الجانب الآخر استجلب مدربا شابا في عالم التدريب، ولاعبين يشعرون أنهم هم من تفضلوا وتكرموا بالانضمام لباريس، وأنهم من سيضيفون للنادي. كوناي إيمري مدرب رائع كرويا لكن يفقد الشخصية التي تمكنه من السيطرة على اللاعبين. نيمار يشعر ويكأنه هو باريس، يفعل ما يحلو له في الملعب من مراوغات، يتمادى فيها ولا رقيب عليه، لا يشعر أن مدربا ما سيعنفه، لا أحد يستطيع فأنا نيمار؛ أغلى لاعب في التاريخ.
المحصلة
في النهاية محصلة الفريقين واحدة مع أفضلية لباريس الذي لا يجد منافسا يناطحه ويجاريه ماليا في فرنسا، بينما يجد الزمالك في مصر الأهلى الذي يستطيع مناطحته في الصفقات. لكن المحصلة الكبرى هي سيادة محلية مؤقتة، تكاد تكون طفرة، وإخفاق قارى، وأموال مهدرة… لأن كل منهم أغفل مال لا يشتريه المال، بل إنه دمره بالمال
كل منهم دمر شخصية فريقه وهويته…