الزمان: يونيو 2024
المكان: مقر نادي ريال مدريد
الحدث: اجتماع بين بيريز ومبابي للاتفاق علي تفاصيل عقده مع ريال مدريد
يجلس رئيس النادي المبجل فلورنتينو بيريز وبجانبه المدير الرياضي ايمليانو بوتراجينو، وفي المقابل يجلس كيليان مبابي وإلي جانبه والدته العزيزة فايزة.
يبدأ بوتراجينو في تقديم عرض ريال مدريد لمبابي فيقاطعه مبابي قائلا: “بما أنني وقعت دون مقابل انتقال، إذن من حقي أن أطلب راتبا كبيرا يؤمن لي مستقبلي المجهول، ويضمن حياة كريمة لوالدتي المسكينة، ولهذا أرغب في 100 مليون يورو مكافأة توقيع وراتب 50 مليون يورو سنويا، وعمولة بنفس قيمة الراتب لوالدتي، وبالطبع لن أتنازل عن حقوق الصور أو أي نسبة منها، في المقابل سألعب في ناديكم لأنه حلمي منذ الطفولة”، وقبل أن يرد بوتراجينو يقاطعه بيريز قائلا:”مش عايز دي في دي!
كانت هذه مقابلة خيالية لما أتوقع أن يحدث مستقبلا علي طاولة المفاوضات بين بيريز ومبابي، ورغم أني أشجع ريال مدريد منذ ما يقرب من 14 عاما، إلا أنني أشعر بالاشمئزاز من المسلسل المكسيكي الذي يقوده مبابي ووالدته، ولا أتوقف عن الاندهاش من أي شخص- أيا كان انتماؤه الكروي- لا يزال مقتنعا بقيمة هذه الصفقة، قد يبدو موقفي عدائيا أو قاسيا بعض الشئ، ففي النهاية مبابي لم يطلب أكثر من حقه- في نظره- ولكن دعني أشرح لك لماذا أري أن ما يفعله مبابي منذ عامين هو أكبر قضية ابتزاز في تاريخ الكرة.
“لقد كان عندي مخطط لمسيرتي الكروية منذ الصغر، أنا أعلم ماذا أريد ان أفعل وأين أريد أن أذهب ولن أدع شيئا يؤثر في خطتي”، هذا تصريح شاب يبلغ من العمر 18 عاما في 2017 يعلم تماما ما يقوم به وما سيفعله، والحقيقه أنك عندما تربط بين هذا التصريح وما يحدث منذ عامين فقد يقودك هذا الربط إلي استنتاج مخيف: هل خطط مبابي في وسط الطريق لكل هذا ؟
دعنا نعود إلي صيف عام 2022 حيث كان الاتفاق بين بيريز ومبابي علي وشك الإتمام في صفقة انتقال حر، ولكن باريس مارس كل أنواع الضغوط وقدم عقدا لا يستحقه أي لاعب في التاريخ مهما كان ما يقدمه للبشرية، عقد مجموع قيمته 630 مليون يورو تدفع علي 3 مواسم -هذا صافي انفاق عدة فرق في الدوري الانجليزي لسنوات- يتقاضي مبابي 70 مليون يورو في الموسم، ويحصل علي مكافأة توقيع عقد قيمتها 180 مليون يورو تسدد علي 3 أقساط، ومكافأة ولاء بقيمة 240 مليون يورو تسدد علي 3 سنوات مقسمة كالتالي :70 مليون يورو في صيف 2023 ، 80 مليون يورو فى صيف 2024، و90 مليون يورو في صيف 2025.
وبالطبع تحت ضغط هذا العقد الرهيب وتدخلات الرئيس الفرنسي قَبِلَ مبابي العقد بعد ما أخلَّ باتفاقه الشفهي مع بيريز، في ذلك الوقت أنا كشمجع مدريدي قررت أنها نهاية الأمر بالنسبة لي، اللاعب قرر اختيار الأموال، وبالتالي لا حاجة لنا به، وانقطعت صلتي به عاطفيا.
ولكن فوجئنا هذا الموسم أن مبابي قرر فجأة أنه يرغب بالرحيل الموسم القادم مجانا، وأن بيريز وريال مدريد يرغبون في التعاقد معه، وبالطبع رحيله المجاني الموسم القادم يعني عدم استفادة باريس بأى يورو من رحيله، بالإضافة إلي حصوله علي جزء كبير من مكافأة توقيع العقد وقسط مكافأة ولاء- نعم سيحصل مبابي علي قسط مكافاة ولاء- لأنه كان كريما للغاية مع نادي باريس وسيرحل مجانا، ناهيك عن أنه تقريبا اللاعب الوحيد الذي يحصل علي حقوق صوره 100%، فيكفيك أن تعلم أن نادي مثل ريال مدريد يحصل علي الأقل علي 50% من حقوق صور لاعبيه.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل خطط مبابي لكل هذا؟ هل كان يعلم أن اتفاقه مع بيريز سيجعل باريس تقدم عرضا خرافيا كالذي حصل عليه؟ وهل كان إعلانه الرحيل جزءا من خطته أثناء توقيعه للعقد مع باريس؟
بصراحة أنا لا أستبعد مثل كل هذه الاحتمالات، ولا أستبعد حدوث مثل هذه المواقف مرة أخري في حال انتقاله لريال مدريد، ومما يثير السخرية أنه لا يزال هناك ترويج أن حلم مبابى الأول والأخير هو ريال مدريد، وأنه سيفعل أي شئ لتحقيق ذلك، رغم أن تفسير الحالة واضح وصريح، هو لاعب يقوم بكل ما هو ممكن من أجل جمع أكبر قدر من الأموال، وإذا كان هناك نادٍ آخر يستطيع تحمل تكلفته غير ريال مدريد فمن غير المستبعد أن مبابي كان سيضعه ضمن خياراته.
وفي الحقيقة فإن أكثر ما يثير اندهاشي أن هذه المسرحية السخيفة تحدث ولا يوجد غير مشترٍ واحد فقط هو ريال مدريد، تخيل معي عزيزي القارئ لو كان هناك نادٍ أو اثنان آخران يتنافسان علي ضم مبابي؟
المشكلة الأخري التي لا أراها أقل قيمة من كل ماسبق هي مشكلة الفيل في الغرفة، إذا وقَّعَ مبابي مع نادي ريال مدريد فكيف سيلعب الفريق؟ بافتراض أن انشيلوتي هو المدرب وبنفس التشكيل الموجود، فالمنطقي أن مبابي سيلعب مكان بنزيما، وإذا شاهدت أي مباراة لمبابي مع المنتخب الفرنسي أو باريس أو موناكو ستعلم أن أفضل مركز لمبابي هو الجناح الأيسر، فهو لاعب يلعب علي المساحات الشاسعة، وليس دوره تفريغ المساحات للأجنحة- كما يفعل بنزيما- إذن أنت تفترض أن اللاعب سيتأقلم مع فنسيوس ورودريجو علي مركزه الجديد، رغم وجود العديد من البدائل التي تقوم بفعل نفس الشئ بجودة أعلي مثل هاري كين أو فلاهوفيتش.
شاهِدْ مبابي مع فرنسا ستجد دائما بجانبه جيرو أو بنزيما، في موناكو كان هناك فالكاو، في باريس كان هناك كافاني، وبعد رحيله كان هناك ايكاردي، وفي بعض الأحيان كان مبابي يلعب مهاجما مع ميسي ونيمار- وهي ثلاثية لم تنجح أبدا لأسباب عديدة- يكفيك أن تعلم أن مبابي نفسه نشر منشورا صريحا يعترض فيه علي توظيفه كرأس حربة مع الفريق الموسم الماضي عندما كان جالتييه مدربا للفريق.
وفي نهاية الأمر أتمني أن تتوقف هذه المهزلة الكوميدية، وأن يرفض بيريز التعاقد معه ويتركه ليواجه مصيره، أو علي أقل تقدير ألا يلبي مطالبه المادية.
اقرأ أيضًا:
ديكلان رايس.. ما لم يخبروك به فى نشرة الإحصائيات
