كتب: محمد منصور وإبراهيم جاد ومحمود السماحي
الجماهير هي دائمًا مهد كرة القدم، هي أساس لعب المباريات، اللعبة الأشهر في تاريخ الرياضات، اللعبة التي يتجه المستثمرين والشركات للدعايا والكسب عن طريقها، فمن قد يتجه لشراء نادي ليس له جماهيرية؟ فهم الرقم واحد كما يُلقبون، أي شركة قد تتجه للإستثمار أو لشراء حقوق نادي أو دوري ليس له جماهير؟ هنا تأتي نقطة الوصل وتدخل السنين الضوئية.
أهلًا بكم متابعين CairoStadium في حلقة جديدة من حلقات سنين ضوئية، يُقال أن كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة هو الأفضل في العالم، والسبب هو تواجد رعاة يضخون أموال لشراء أفضل لاعبي العالم، سنتجه معكم في رحلة قصيرة حول ثلاث قارات وديربيات رغم عدم تواجد نجوم كبار بها لكنها تتابع ويتم نقلها عبر قنوات عالمية، فلما الأهلي والزمالك ليس من بينها الآن رغم التاريخ الحافل للثنائي، فالإجابة ستجدونها في حلقة اليوم من سنين ضوئية ..
ديربي الجنون
السوبر كلاسيكو الأرجنتيني، واحدة من أعنف المباريات وأشهرها على مستوى العالم، طرفاها ناديي بوكا جونيورز وريفربليت، وليست العداوة بين الفريقين من الناحية الكروية فقط، ولكنها عداوة طبقية وفئوية، حيث يعد نادي البوكا هو نادي الفقراء والكادحين من الشعب الأرجنتيني، وعلى الجانب الآخر يعد الريفربليت هو نادي الطبقة العليا من المجتمع الأرجنتيني، وهو ما خلق عداوة أزلية بين طبقتين أكثر منه منافسة رياضية.
ننتقل للحديث على ديربي الجنون من الناحية التاريخية كرويًا، حصد ريفربليت لقب الدوري الأرجنتيني في 36 مناسبة، أكثر من منافسه الأزلي بخمسة ألقاب لبطولة الدوري الأرجنتيني، على الجانب الآخر فيعد بوكاجونيورز أكثر نجاحًا على المستوى القاري حيث حقق لقب بطولة كوبا ليبارتادورس في ست مناسبات بينما تمكن نادي الأغنياء من تحقيق اللقب في ثلاث مناسبات فقط.
بالحديث عن الصدام المباشر بين الفريقين، فيعد البوكا أكثر نجاحا برصيد 88 انتصار في مختلف البطولات الرسمية، بينما تمكن الريفربليت في تحقيق الفوز في 81 مباراة، وحسمت نتيجة التعادل 77 مباراة بين الغريمين، كل هذه الأرقام والإحصائيات تدل على شراسة المنافسة على أرضية الملعب تاريخيًا بين الفريقين وليست شراسة جماهيرية وطبقية فقط، حيث تعد مباراة السوبر كلاسيكو ضمن أهم 50 حدث رياضي في العالم.
ملعب البومبونيرا، هو الملعب الخاص بفريق الكادحين والذي يقع في حي “لا بوكا” بالعاصمة الأرجنتينية بيونيس آيرس، حيث يتسع لحوالي 49 ألف متفرج، على الجانب الآخر يعد ملعب مونيومينتال انتونيو هو الملعب الخاص بفريق ريفربليت، كذلك هو الملعب القومي الرئيسي في الأرجنتين، ويتسع لحوالي 62 ألف متفرج.


الاحتقان وحالة الحرب الدائرة بين الفريقين والممتدة من داخل الملعب إلى خارجه، تخطت حدود كرة القدم بمراحل كثيرة، حيث وصل الصراع بين الفئتين إلى صراع دموي في فترة من الفترات، وهو ما دفع لاتخاذ قرار بعد حضور أي من جماهير الفريقين في ملعب الفريق المنافس تلاشيًا لحدوث أي كوارث أو صراعات دموية، وهذا يعبر لنا عن مدى العنف بين طرفي الصراع الدائم في بلاد التانجو.
الرئيس الأرجنتيني بعد وصول كلا الفريقين لنصف نهائي كوبا ليبرتادورس، البطولة الأكبر لأندية أمريكا الجنوبية، تمنى عدم تأهل الفريقين الأرجنتنيين للنهائي، وعن سؤال عن السبب، فكان الرد خوفًا لما قد يحدث بعد المباراة، فالفريق الخاسر في النهائي سيستغرق 20 عام لينسى جماهيره هذا اللقاء، وهو دليل على اهمية تواجد الجماهير حتى في ظل الخوف من المباراة، فهما سبب الشغف بكرة القدم.
https://www.youtube.com/watch?v=geD0z62prGU&fbclid=IwAR1KNC6n37S_vPGU_AejjfzTvjl762ktiHQL_23XUSvg96j4n1O9lKzy0kM
اتجهت كثير من القنوات على مستوى العالم لشراء حقوق بث السوبر كلاسيكو، تدخلت بي إن سبورت القطرية وسبورت بلاس الألمانية وأرينا سبورت بصربيا وكرواتيا وفوكس سبورت بالأرجنتين وتي إن تي بالأرجنتين وتيلي كانال بروسيا، وأبو ظبي الرياضية الإماراتية هي الأخرى اتجهت لشراء حقوق بث كأس ليبرتادورس، والسبب هو الشغف المتواجد بجميع دول أمريكا اللاتينية من قبل الجماهير، اتجاههم للدوري الأرجنتين والليبرتادورس رغم عدم تواجد نجوم كبار ولكن الجماهير كانت سبب رئيس في اتجاه قنوات العالم لنقل السوبر كلاسيكيو أو ديربي الجنون كما يُلقب.
ديربي النار
بالحديث عن الديربيات الأكثر تعصبًا فلا يجب أن ننسى ديربي النار كما يُلقب، إنها مباراة جالطة سراي وفنربخشة التركيين، الديربي الأغرب في العالم، حيث يقع كل فريق منهم في قارة مختلفة، ففنربخشة يعتبر تابع للقارة الآسيوية فيما يتبع جالطة سراء للقارة الأوروبية، وصنفته موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكثر ديربي في العالم ضجيجًا.
https://www.youtube.com/watch?v=5FBzrzuwPn8
بطل القسم الأوروبي جغرافيًا جالطة سراي الذي تأسس عام 1905، حصل على 21 بطولة دوري محلي و17 مناسبة توج بكأس تركيا، فيما حصل على السوبر التركي 14 مرة، حصل على السوبر الأوروبي مرة واحدة موسم 2000 وهو الفريق التركي الوحيد الذي حصل على لقب قاري، ويعد هو اول فريق يشارك في دوري أبطال اوروبا,
وعن البطل التركي الآسيوي فنربخشة الذي تأسس عام 1988 ولكن بسبب حكم الدولة العثمانية في ذاك الوقت تم إغلاقه، في البداية كان يسمى بنادي الجوارب السوداء، ولكن افتتاحه مرة أخرى تحت مسمى فنربخشة عام 1907، حصل على 19 بطولة دوري تركي، وأربع بطولات كأس تركيا وحصل على كأس السوبر المحلي في سبع مناسبات.
ملعب جالطة سراي كان علي سامي ين الذي يتسع ل24 ألف مشجع والذي افتتح عام 2945، ولكن عام 2011 انتقل جلطة سراي لملعب تورك تليكوم أرينا الذي افتتح في نفس العام ويسع ل52 ألف مشجع وأصبح الملعب الرسمي للفريق.
ملعب شكري سراج أوغلو الذي يعد هو الملعب الرسمي لفنربخشة يسع 50 الف مشجع، وتم إنشائه بعد إنشاء النادي بعام واحد عام 1908، وحصل به بعض التعديلات عامي 1999 و2006، في الأولى تم زيادة سعة استيعابه، والثانية تم وضع سقف متحرك للملعب.
رغم كون الفريقان من مدينة اسطنبول لكنها تعد من أكثر المباريات تعصبًا في العالم، بسبب الشغف الكبير لمتابعة اللقاء تدخلت مجموعة قنوات بي إن سبورت وحصلت على حقوق إذاعة مباريات الدوري التركي مقابل نصف ملياء دولار في الموسم عام 2016.
ديربي الأساطير
ننتقل الآن إلى بلاد الحضارة والفلسفة، اليونان مهد السياسة والديمقراطية ودورة الألعاب الأولمبية، والأدب الغربي، حيث تمتلك بلاد الإغريق ديربي ناري بين ناديي باناثينايكوس وأولمبياكوس.
الطرف الأول من الديربي هو نادي باناثينايكوس الذي تأسس عام 1908 في قلب العاصمة أثينا، ويرتدي اللون الأخضر، النادي العريق فاز ببطولة الدوري اليوناني 20 مرة آخرها عام 2010، وكأس اليونان 18 مرة آخرها عام 2014، وكأس السوبر اليوناني أربع مرات آخرها عام 1994، كما حصل الفريق على وصافة دوري أبطال أوروبا عام 1971 عندما خسر في النهائي من أياكس الهولندي.
بينما نادي أولمبياكوس تأسس عام 1925 بضاحية بيرايوس بالعاصمة أثينا، الفريق الذي يرتدي اللون الأحمر يعتبر هو أكثر الأندية فوزًا بالبطولات باليونان حيث فاز بالدوري 44 مرة آخرها العام الماضي، وفاز بالكأس 27 مرة آخرها عام 2015، وفاز بكأس السوبر أربع مرات آخرها 2007.
العداوة التاريخية بين الفريقين لها خلفية طبقية وحضارية، فأولمبياكوس هو نادي الشعب والطبقات الفقيرة بينما يثمل نادي باناثينايكوس نادي الطبقة الراقية والأثرياء.
ديربي الأعداء والأساطير أو ديربي أم المعارك يشهد كثيرًا مشاحنات واشتباكات بين جماهير الفريقين، فيوم الديربي تنقطع فيه أنفاس الجميع في اليونان حتى نهاية اللقاء بسلام، المواجهات بين جماهير الفريقين وصلت إلى حد الدم حيث قُتل مشجع لباناثينايكوس عام 2007 من قِبل مشجعي أولمبياكوس في اشتباكات بين جمهور الفريقين على هامش مباراة كرة طائرة.
النادي الأخضر باناثينايكوس يخوض مبارياته على ملعب أثينا الأولمبي الذي تأسس عام 1982 ويتسع لنحو 60 ألفًا ويشارك نادي باناثينايكوس الملعب نادي أيك أثينا الذي يخوض مباريات على نفس الملعب.
بينما يلعب نادي الشعب مبارياته على ملعب كارايسكاكيس الذي يسع لـ35 ألف مشجع والذي تأسس عام 1896، ويلعب المنتخب اليوناني مبارياته الدولية على الملعب ذاته.
وعلى الرغم أن اليونان ليست من الدول الكبرى في كرة القدم باليونان إلا أن الفريقين يملكان نصيبًا كبيرًا من الاهتمام من الشركات العالمية في مجال الرعاية، حيث يملك نادي باناثينايكوس 19 راعيًا أشهرهم شركة الملابس نايكي وشركة كوكاكولا وشركة السيارات العالمية أودي.
بينما نادي أولمبياكوس الذي يطلق عليه مشجعوه اسم الأسطورة فيملك 17 راعيًا أشهرهم شركة الملابس أديداس وشركة كوكاكولا وشركة فودافون وطيران الإمارات.
وبالاتجاه للبث والمتابعات فاتجهت قنوات أون سبورت المصرية مؤخرًا لبث مباريات الدوري اليوناني بجانب قنوات نوفا وإي أر تي اليونانية، رغم تواجد مصريين محترفين في اليونان، ولكن لن تتجه قناة لشراء حقوق بث دوري دون وجود مشاهدات، ولهذا اتجهت القناة المصرية لشراء البطولة بسبب الشغف بين جماهير اليونان ونجاح البطولة رغم ضعف الأندية اليونانية.
ديربي الغريمين
عندما نتحدث عن أقوى مباريات العالم فلا يمكننا نسيان ديربي الجيزة جغرافيًا، المعروف بديربي القاهرة، لقاء الغريمين بمصر، الأهلي الذي تأسس عام 1907 ويحمل الرقم القياسي في عدد مرات التتويج بالدوري ب40 لقب والكأس المحلي ب36 لقب والسوبر المصري 10 مرات، وأكثر فريق داخل القارة الأفريقية يحصل على البطولة الأشهر دوري الأبطال بثمان منسابات.
الزمالك أو نادي القمة الثاني كما يلقب الذي تأسس عام 1911، ويملك 12 بطولة دوري و26 لقب كأس مصر وثلاثية للسوبر، ولديه خمسة نجوم من دوري أبطال أفريقيا، إنه الديربي الذي تتوقف بسببه القاهرة، شوارع القاهرة فارغة.
القصة بدأت بعد إنشاء الزمالك كونه نادي تابع للحكم الإنجليزي، والأهلي الذي تأسس قبله بأربعة أعوام ليصبح نادي للمقاومة، بدأت المنافسة بعد ثورة 1952 بعدما تغير اسم المختلط وفاروق سابقًا للزمالك، وأصبح المنافسة في الشوارع وفي الملعب الأشهر ستاد القاهرة.

كان ستاد القاهرة هو الرسمي للفريقين أو القمة، عندما نشاهد الستاد من التلفاز تراه منقسم لنصفين، نصف أبيض ونصف أحمر وهما اللونين الأساسيين للفريقين، القاهرة الذي يسع ل74 ألف مشجع أصبح الآن خالي ويتجه الأهلي والزمالك للعب في ستاد السلام أو الدفاع الجوي بالإضافة لبرج العرب بالإسكندرية وسابقًا ملعب الجونة، تعد هي المباراة الأشهر عربيًا وأفريقيًا حال تواجد الجماهير بالمدرجات.
الفترة الأخيرة بعد ظهور شركة بريزنتيشن المصرية تحاول بكل الطرق لنجاح المباراة في ظل غياب الجماهير، فعلى سبيل المثال يتم نقل لقاء السوبر المصري حال تواجد الأهلي والزمالك بالإمارات، لتطمع قليلًا لنجاح المباراة، ولكن لا ينظرون للخارج، ديربي القاهرة هو جماهيري من الدرجة الأولى مثل أولمبياكوس وباناثنيكوس في اليونان، وجالطة سراي وفنربخشة بتركيا وبوكا جونيورز وريفربليت بالأرجنتين.
الآن عرفتم عن سبب نجاح البطولات والطريق للعودة كما كان سابقًا، رغم عدم تواجد نجوم كبار بهذه الديربيات ولكن تتجه الشركات والقنوات لها بسبب نجاحها بسبب تواجد الجماهير بالملاعب، لكل نادي ملعب خاص بمدينته وهذا سبب الشغف، هنا تعرفتم على السنين الضوئية والفارق بين الديربي الذي كان من الأشهر في العالم سابقًا ومكانته حاليًا، الطريق للنجاح ووضع الكرة المصرية على الطريق الصحيح مرة أخرى، هذه كانت الحلقة الرابعة من سلسلة سنين ضوئية يمكنكم متابعة الحلقات السباقة: