أنا “سارة ستوري”، بدأت الحياة نزالها العنيف معي قبل أن أراها، فقد انتزعت مني قبضة يدي لمنعي من رد لكماتها.
تلك ليست تعبيرات مجازية، لقد ولدتُ بإعاقة في يدي كانت سببًا في تعرضي للتنمر الذي أسقطني في فخ الاكتئاب خلال طفولتي.
لكن ذلك لم يمنعني من أن أصبح الأنجح في تاريخ بريطانيا.
في السادس والعشرين من أكتوبر 1977 بمدينة مانشستر كان أول حدث في حياتي، وأول سوء حظ.
عندما تشابكت يدي اليسرى بالحبل السري أثناء ولادتي، مما أدى إلى عدم تطورها بشكل طبيعي.
لا أعلم كان خطأ من، لكنه بالتأكيد ليس خطأي، فلماذا أتعرض للتنمر على شيء ليس بسببي ولا يمكنني فعل شيء لتغييره؟
والدي كان يخبرني بأنني “مميزة”، لكني كنت أشك في الأمر عندما أتطلع إلى الحضور في كل مكان وأرى نفسي فقط المختلفة.
لا أريد أن أكون مميزة، أريد أن أكون مثلكم.
تأكدت أن شكوكي كانت في محلها بعد دخولي المدرسة بفترة قصيرة، عندما كان لقبي ذات اليد غير المكتملة.
أو عندما يسألني أحد الأطفال عن سبب شكل يدي، لم أكن أجد ما يمكنني قوله، ربما كان يجب أن أخبره بأنني “مميزة” مثلما أخبرني والدي.
قررت ممارسة الرياضة وانضممت إلى أول نادي سباحة في سن العاشرة، حينها أخبرني مدربي أنني بدأت التدريب متأخر جدًا، وبالتالي لن أصل إلى شيء.
أمر محبط لطفلة في سن العاشرة، لكن بعد أربعة أعوام فقط وعمري أربعة عشر عامًا كنت قد فزت بذهبيتين وثلاث فضيات وبرونزية في دورة الألعاب البارالمبية برشلونة 1992.
بعد دورة برشلونة عدت إلى المدرسة وكنت أظن أن الوضع سيصبح أفضل، لكن الأمور زادت سوءًا وأصبح التنمر مصحوبًا ببعض الغيرة من صديقاتي.
كنت أستطيع تحمل الكثير من التعب في التمارين الرياضية المرهقة جسديًا، لكني لم أتمكن من تحمل التعب النفسي خلال فترة الدراسة.
دخلت في دوامة اكتئاب وتعرضت لمرض “اضطراب الأكل”، وهو يعتبر فقدانًا للشهية وبالتالي فقدان وزنك إلى حد خطير، ونسب وفيات هذا المرض ليست بالقليلة.
فقدان وزني لم يلاحظه أحد إلا عندما شاركت في بطولة السباحة الوطنية للناشئين وسأل أحد الأشخاص والدي عمّا إذا كنت مريضة.
كنت نحيفة بشكل مؤلم، لكني بدأت العلاج وقاومت اكتئابي وتغلبت عليه، وحينها علمت قوتي الحقيقية وتأكدت من أنني يمكنني التغلب على أي شيء، وكانت تلك نقطة التحول في حياتي.
وفي دورة أتلانتا 1996 نجحت في الفوز بثلاث ذهبيات وفضية وبرونزية.
بعدها تعرضت للكمة أخرى من الحياة في محاولة لإحباطي مجددًا، المجهود الذي بذلته في السباحة مبكرًا أدى إلى إصابتي “بمتلازمة التعب المزمن”.
وهو شعور بتعب مستمر لدرجة تمنع من القيام بالمهمات اليومية العادية، هناك أعراض أخرى لكن الإعياء الحاد المستمر لستة أشهر على الأقل هو العَرَض الأساسي.
على الرغم من التعب، أضفت إلى رصيدي من ميداليات السباحة في دورتي سيدني 2000 وأثينا 2004.
حيث فزت بأربع ميداليات فضية وبرونزية.
لكن التعب أدى إلى التهاب كبير في الأذن، لدرجة كانت من الممكن أن تؤدي إلى إصابتي بالصمم إذا تجاهلتها أكثر من ذلك.
اضطررت إلى ترك السباحة بعدما حققت 11 ميدالية ذهبية، و13 ميدالية فضية، و8 ميداليات برونزية مقسمين بين الألعاب البارالمبية وبطولات العالم.
وبدأت فصلًا جديدًا في قصتي بركوب الدراجات التي كانت فقط بهدف الحفاظ على لياقتي البدنية، لكنني اكتشفت أنني تعودت على التتويج بالميداليات.
بدأت ركوب الدراجات في عام 2005، وبحلول نهاية العام حطمت الرقم القياسي العالمي في سباق 3000 متر فردي.
وفي دورة بكين 2008 فزت بذهبيتين، بينهما واحدة كانت في لحظة جميلة بنفس اليوم الذي فاز خلاله زوجي “بارني ستوري” -الذي تزوجته قبل عام- بميدالية ذهبية هو الآخر.
وفي 2010 أصبحت أول راكب دراجات يشارك مع منتخب إنجلترا في ألعاب الكومنولث ضد راكبي الدراجات “غير المعاقين”.
واستمريت في حصد الذهب خلال دورات لندن 2012 وريو دي جانيرو 2016 وطوكيو 2020.
حتى أصبح رصيدي 17 ميدالية ذهبية في دورات الألعاب البارالمبية.
متغلبة على سوء الحظ والإعاقة والتنمر والاكتئاب والمرض، ها أنا الآن، “سارة جوان ستوري”.. أنجح لاعبة بارالمبية في تاريخ بريطانيا.
اقرأ أيضًا: علي الزيني وأحمد نجيب.. حياة بعنوان “لا شيء سيمنعني من أن أكون بطلاً”
لمتابعة صفحتنا عبر تويتر – فيسبوك.