حلقة وصل (2) - انتقاد اللاعبين.. عاش الملك مات الملك

حلقة وصل (2) – انتقاد اللاعبين.. عاش الملك مات الملك

Array
- Advertisement -
- Advertisement -

يقول أحد الحكماء أن كرة القدم عبارة عن حلقة وصل بين سلسلة مترابطة من خمسة أطراف، يشكلون المصدر الرئيسي لصناعة عالم مليء بالإثارة والتشويق، والذي يتكون من اللاعبين، مدير فني تقع على عاتقه أغلب المسئولية، جماهير الفريق، إدارة النادي، واللجنة المشرعة للبطولات.

كل طرف من عناصر هذه السلسلة يبقى له المثل الأعلى والقدوة والمُلهم لدخوله أكثر المجالات جدلاً ومدحاً، ويُشكل حافز قوي لتقديم أفضل ما  لديه، بل والغير متوقع منه حينما يريد أن يُثبت أنه جدير بأن يكون عضواً في مدرسة المتفوقين.

قضية اليوم هي خلاف بدأ يأخذ حيز كبير من جلسات الفكر الرياضي، مضمونه يدور بين الطرف الأقوى في الحلقة وهو الجماهير، والطرف الأهم ألا وهو اللاعبين، فالأخير يبقى بشرٌ يتأثر ويؤثر، يفرح ويحزن، ينتج ويصنع، ويتفوق ويرسب.

بينما الطرف الأول يغلب عيناه ولسانه عن عقله، يتكلم أكثر ويفكر أقل،  يبغى الصالح ولا يُبالي في الطالح،  ويريد النشوة بتفاوت عن الكسرة، ينتقد ولا يُنتقد، ويثرثر لا يسمع، إلا أنه يبقى الأقوى.

لاعبون يتألقون ويبدعون، ومرارة حادث غضب منه ينحدرون، براعة في السابق تُغني عن الحاضر، ظرف عابر راحل راحل، وعودة بثقل استراحة محارب.

وبين النغمة الأولى من تهليل وتمجيد، وتوقف المديح بصافرات استهجان عويل وهويل، يعيشون أسوء أيام من قسوة النقد، وهجوم القريب والبعيد، ونفاق عاش الملك مات الملك.

أمثلة أخرست المتربصين، وأخرين انجرفوا وراء التيار وسقطوا في ذهول، لتبقى الحيرة في سؤال هل هم ومضة واقتضت، أم ضحايا الهجوم.

صلاح لاعب الموسم الواحد

البداية مع النجم المصري محمد صلاح، والذي تألق بشكل لافت خلال السنة الماضية، وتوّج ملكاً على عرش الكرة الإنجليزية هدافاً والأفضل والأكثر شعبية.

“الانتقاد لصلاح أصبح بصورة مبالغ بها، فعندما كان يسجل الأهداف تتحدثون عن مهاراته وانجازاته، وعندما أصبح له دور أخر كبير غير ذلك تنتقدونه بأنه خالف التوقعات وفاجئنا”.

هكذا كانت تصريحات المدرب الألماني يورجن كلوب، المدير الفني لليفربول عن كم الانتقادات الكبيرة التي وجهت لصلاح، والذي أخرس الجميع بعودته للتهديف مرة أخرى، وأصبح على بُعد هدف من صدارة الهدافين.

لكن مع أول تعثر لصلاح سيعود الهجوم من جديد، ويُنتقد في حرب القيل والقال بأنه لاعب الموسم الواحد فقط، ونغمة وكيل أعماله الذي يُلقي به في طابع المصلحة والمال استغلالاً للشهرة، وسيتناسي المتربصين من هداف الدوري الموسم الماضي، والأفضل في أفريقيا وإنجلترا، وثالث أفضل لاعب في العالم، فالحلقة مستمرة دون نهاية.

مودريتش الذي أنهى احتكار رونالدو وميسي

“في ريال مدريد عندما يخسر الفريق، فإن الجماهير تُهاجم اللاعبين الأجانب، وبعد فترة يوجهون اللوم على مودريتش”.

تصريحات خرجت من المدرب زلاتكو داليتش، المدير الفني للمنتخب الكرواتي، للرد على اتهامات مجاملة مودريتش بالفوز بالأفضل في العالم هذا العام، بعدما أنهى سيطرة واحتكار البرتغالي رونالدو، والأرجنتيني ميسي على تلك الجائزة.

مورديتش يا بشر! أحد جنود إنجاز زيدان وعين الصقر في وسط الملعب، ألم تدركوا أن جاتوزو نجم وسط ميلان وإيطاليا، والمدير الفني الحالي للروسونيري أراد مزاملته عن رونالدو وميسي؟

هذا ليس تقليل من النجمين الكبيرين فهما أحد عناصر هذه النسخة من حلقة وصل، ولكن جاءت تلك الكلمات لتعبر عن مكانته ولمساته، فماذا إن قلّ أداؤه فترة، هل نعتبره مُجاملاً على لقب الأفضل؟

رونالدو لن ينجح في إيطاليا

خلّف رحيل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو عن ريال مدريد متجهاً لإيطاليا عبر بوابة يوفنتوس، خروج الكثير من العبارات المناهضة لمحاولة التهميش من دور الدون الكبير في إنجازات المرينجي، وراهنوا على فشله في جنة كرة القدم، لكنه كسب الرهان مبكراً، وبالضربة القاضية من الجولة الأولى.

زيدان عن رونالدو: “لاعب إستثنائي ويملك ثقة كبيرة بالنفس، لد جعلها تنتشر بين جميع لاعبي الفريق، وما يفعله كريستيانو في هذا العمر يدعوني للإندهاش، لأنه ساهم في الكثر من الإنجازات خلال فترة قصيرة”.

رونالدو صاحب الخمس كرات ذهبية، والهداف التاريخي لدوري أبطال أوروبا والحاصل عليه خمس مرات، حقق بداية مع البيانكونيري لم يقدمها زيدان وبلاتيني، بل وتفوق على الأفضل في تاريخ النادي وهو الويلزي جون تشارلز بتسجيله تسعة أهداف في أول اثنتي عشر مباراة بالدوري الإيطالي.

رونالدو أخرج لسانه لكل المشككين في قدراته، وأصبح الجميع يتوقع إنهاءه الموسم هدافاً للسيري آه، فهل سترفعوا قبعاتكم وتنحنوا له على طريقة بيلا تشاو؟

ميسي وأزمة قائد المنتخب

وكأن منتخب الأرجنتين لا يوجد به سوى ميسي، وكأنه مستنسخ بإحدى عشرة نسخة لكي يقف في كل جنبات الملعب، وكأنه البطل في حالة الانتصار والمتخاذل في الانكسار.

“على الأرجنتين أن تتوقف عن تدليل ميسي. لدينا أفضل لاعب في العالم بلا أدنى شك، لكنه يأتي إلينا ولا يسجل الأهداف، ولا يوجد قائد يدخل الحمام عشرين مرة قبل كل مباراة”.

تصريحات هجومية شنها أسطورة التانجو مارادونا، ليزحف خلفه جهلاء النقد في حق البرغوث الأرجنتيني ليونيل، لكن شئنا أم أبينا فدييجو أرماندو نجم كبير، وحينما شعر أنه أخطأ تقدم باعتذار لميسي.

ميسي وما أدراك من هو، خمس كرات ذهبية، أربع بطولات دوري الأبطال، تسعة ألقاب للدوري الإسباني، مسيرة تخطت الـ 600 هدف حتى الآن، ومباريات حُسمت بأقدامه لا تُعد ولا تُحصى، فكم من لقطة يتذكرها المنتقدين له قبل النوم وهم يشاهدون كيف يتلاعب ميسي بخصومه، وكم من حارس أبكاه في ليلة أهانه أمام جماهيره، وكم من ألسنة قُطعت بعد إخراسها.

نيمار لا يساوي قيمته

ضجة وهوّس، عبث وفزع، تلك الكلمات قليلة على وصف انتقال النجم البرازيلي نيمار من برشلونة لباريس سان جيرمان، بصفقة هي الأغلى في التاريخ حتى الآن.

عشاق البلوجرانا صُدموا، والباريسيين جنّوا، سوق الانتقالات اشتعل من بعده، والانتقادات انتشرت لكي تخسف بقيمته بألا يستحقها، وعاتق البرازيل أصبح على كتفه حاله حال ميسي.

مع كل مراوغة يمر من ثلاثة أو أربعة تجد أهازيج وتصفيق، وعقب كل خسارة أصوات في ضحكات سخرية واصفين إياه بالطفل، و أن برشلونة ربح في التخلص منه، ومع كل تعثر للسامبا يقارنوه بالأسطورة بيليه.

فهل تعلمون أن نيمار أصبح على بُعد عشرين هدفاً ليصبح الهداف التاريخي للسليساو، هل تعلمون أنه تخطى مئتي وخمسين هدفاً في مسيرته؟، كل هذا وهو مازال في عمر السادسة والعشرين، وأمامه الكثير ليقدمه على مستوى ناديه الشخصي والجماعي والبطولات، ولا يستحق كل تلك الهجوم المصوب نحوه.

بنزيما غير مُفيد

زيدان عن بزيما: “كريم كان مهماً لتوازن الفريق عند الهجوم والدفاع، ولقد ساعدنا على تنفيذ أسلوب الاستحواذ من خلال طريقة لعبه، وهو رائع كونه لاعب جماعي”.

من فتى مُذلل لزيدان، إلى المهاجم الأسوء في تاريخ ريال مدريد، وهل من سيء يُسجل 59 هدفاً كرابع الهدافين التاريخين لدوري أبطال أوروبا، وهل من سوء يجلعه يتخطى مئتي هدف مع الميرنجي؟

ربما إن جلست في منزلك على أحد المقاعد فسوف تشاهده لا يحبو، لكن إن راجعت شريط المباراة ونظرت إلى تحركاته، فأعتقد أنك سوف تصفع نفسك، وتعتذر له عن مهاراته في توزيع اللعب، بنزيما مهاجم كبير لكنه لا يعرف كيف يسرق الأضواء، فهو قطعة الكيك وليس الكريمة الناصعة في أعلاها.

ليفاندوفيسكي المتخاذل

سقط بايرن ميونخ في عدة اختبارات في الفترة الأخيرة، وتبادلت الجماهير الاتهامات من حيث لا تدري أين المسئول الحقيقي، لكن في كل موسم يخفق فيه الفريق أوروبياً، تتردد كلمة ليفاندوفيسكي المتخاذل.

“لقد وصلنا إلى مرحلة كبيرة من النقد، أنا لا أتفق مع تلك وجهات النظر، ليفاندوفيسكي سجل أربعين هدفاً وهذا رقماً رائعاً بالنسبة للاعب”.

كلمات خرجت من فم المدرب يوب هاينكس، المتقذ المعتاد للعملاق البافاري في حق النجم البولندي روبيرت ليفاندوفيسكي، والذي دائماً ما يكون نقطة القوة الأبرز لهم، لكنه أيضاّ حلقة الاتهام الأولى عند الانحدار، ولا يضعون صوب أعينهم صدارة الهدافين المحتكرة له كل موسم، والدوري المتناول في الجيب بفضل أهدافه.

حتى شعر ليفا أنه حان وقت الرحيل، فتصارع عليه الكبير وصغير الكبار، وأدركوا حجم مكانته في عربة الإنقاذ الأولى للفريق، ليبقى وتبقى معه أفضل تفسير لقضية اليوم من حلقة وصل في حكمة عاش الملك مات الملك.

هازارد لا يتحمل المسئولية

“يجب على هازارد أن يفعل مثل رونالدو وميسي، ويسجل أربعين او خمسين هدفاً في الموسم، لكي يقود تشيلسي للفوز بدوري أبطال اوروبا”.

رصاصات أطلقها مورينيو في قلب نجم تشيلسي إيدين هازارد منذ نحو ثلاث سنوات، مطالباً إياه أن يقدم المزيد، وواضعاً ضغوط كبيرة عليه، لتبقى عالقة في أذهان من يصطفون للتصفيق خلف نجماً أو اثنين فقط، ويتناسون كيف يُخدر البلجيكي خصمه عند المرور منه بالكرة.

كلما تألق هازارد قالوا نجم خلف الستار، وحين التراجع يستخدمون كلمات مورينيو في الذم به، وبين هذا وذاك يبقى واحداً من سحرة الكرة، ومفتون الموهبة لدى عشاقه، فإن غاب نادوه، وإن لعب وتراجع طالبوا بغيابه.

جريزمان لاعب المنظومة فقط

“جريزمان بطل العالم، بطل السوبر الأوروبي، بطل يوروبا ليج وأفضل لاعب في نهائي كأس العالم، الواقع يقول أنه كان الأفضل في العالم بالموسم الماضي”.

هل يكفيك أن تفعل كل هذا في موسمك، وتسجل ما يقارب أربعون هدفاً لكي يعترف بك الجميع نجم الموسم؟

جريزمان المهمش الذي يصفه الجميع بأنه لاعب المنظومة الجماعية فقط، وليس نجم الشباك بمهاراته الفردية، لكن نظرة على ما قدمه يدفع الكلمات لاحتباسها، ويتذكرون أنه جاء في زمن ميسي ورونالدو واختفى وسط جوائزهم، ودائماً ما ينتقده الكثير كونه لاعب الصف الثاني، لكن رفقاً بالكناريا التي تشتاق لها الأذن.

راموس المؤذي

مودريتش عن راموس: “البعض لديه ذاكرة قصيرة المدى، ينسى هدفه الحاسم في نهائي دوري الأبطال 2014، وأهدافه الغزيرة كأفضل مدافع هداف في التاريخ، وينتقدونه في صورة اللاعب المؤذي لخصومه”.

المدافع الإسباني ذو الجرينتا الإيطالية، الهداف الذكي ككبار المهاجمين، القائد صاحب الشخصية في صفوف الفريق، والمنافس الأبرز لجيل ذهبي انتهى، أبطالها مالديني ونيستا وكانافارو وبويول، وحامل لواء مدريد ذو التربع على العرش الأوروبي، فهما كنت تراه سيء السلوك أو عنيف الأسلوب، لا يجب التقليل من إمكانياته أو قدراته.

حقيقة يجب أن تؤمن بها، أنه مهما حدث من اللاعبين فلا ينبغى أن تكون أداة حادة تحاول إسقاطهم، لأنهم دائماً سيجعلوك في موقف حرج مضطراً لتغيير وجهة نظرك، وسوف يتهمك البعض بالنفاق، لذا عليك التأني في النقد، وتتناسي كلمة انتقاد لأنك ستسقط قبل منهم.

تعليقات الفيس بوك

الكاتب

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

اخر الأخبار