كل الرياضاتتحليل| ليفربول وباريس سانت جيرمان.. فقط من يتحدى هو من يعيش

تحليل| ليفربول وباريس سانت جيرمان.. فقط من يتحدى هو من يعيش

- Advertisement -

“آه منك، فلست سوى فراشة تحاول أن تثبت بعنادها شيئاً، تعتلين المنصة وتشرعين لإرضائهم رقصاً فيصفقون لأنك حقاً أجدت صنعاً، ثم يسدل الستار لتكفكفي أنت الدمع عبثاً، وتتمتم النفس: ” ألا سحقاً.. ألا سحقاً، فقد أهدر بذلك العناد الأحمق عمراً”

-محمود أغيورلي كاتب ومؤلف ومترجم سوري من مدينة حلب-

 

- Advertisement -

قدم ليفربول 90 دقيقة من أسوأ مايكون على كل الأصعدة في ملعب حديقة الأمراء، بل أزيدك من الشعر بيتاً، لم يصل ليفربول من الأساس إلى مدرج هبوط طائرات مطار باريس شارل دو غول، فعندما تصل ليفربول إلى حيز شباك الخصم بتسديدة وحيدة على المرمى من ركلة جزاء حينها توجد أزمة، وعندما تكتشف أن ليفربول كان صاحب اليد العليا اليوم في الإستحواذ على الكرة ب 56% فهنا تكمن أزمة اكبر بكثير، الأزمة التي يعاني منها الفريق منذ بداية الموسم وتغافل عنها كلوب تماماً، أو بمعنى أًصح التي عاند كلوب في اصلاحها، هذا العناد الذي تسبب في الهزيمة الثالثة توالياً خارج الديار في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم.

 

واجه ليفربول اليوم معضلته الرئيسية منذ بداية الموسم، بل هي معضلته الأساسية حتى وهو يقدم عروضاً أسطورية قادته إلى نهائي كييف بالموسم المنصرم، ألا وهي كارثية وهشاشة مستوى أداء خط الوسط على صعيد كل المستويات سواء دفاعياً أو هجومياً أو حتى في أبسط معايير قياس نجاح أو فشل أداء خط الوسط في التحكم بريتم الفريق في المباراة، خصوصاً لثلاثية خط الوسط ميلنر، هندرسون وجيني فينالدوم التي تسجل عامها الثالث على التوالي في المشاركة بجوار بعضهم إلا أنهم لا يسجلون أي تقدم في التفاهم أو التطور الكروي أو الذهني بتاتاً بإستثناء بعض الحالات النادرة التي يظهر فيها تجليات أحد اللاعبين لفترة قصيرة من الموسم.

 

توخيل يتعلم الدرس

 

دخل توخيل المباراة اليوم وهو موقن بشكل تام لكل نقاط ضعف ليفربول، هذه النقاط التي لعب عليها بتفوق تام، نيمار اليوم كان بمثابة هو البطل والقطعة الأساسية في نجاح الفريق نظراً لإستغلاله المساحات الكامنة مابين ثلاثي خط الوسط ورباعي خط دفاع ليفربول، هذه المساحات التي أقل مايقال عنها كارثية والتي نتجت عن عدم وجود لاعب قاطع كرات صريح في هذه المنطقة تكون مهمته الأولى والرئيسية هي إيقاف هذا العبث, وهو بالمناسبة موجود بجوار كلوب متمثلاً في البرازيلي فابينيو.

Neymar JR

ارتكزت ضراوة هجوم باريس سان جيرمان على محورين رئيسيين، المحور الأول هو ميل الملعب في الحالة الهجومية ناحية اليسار، هذه الناحية الهشة والأكثر ضعفاً في منظومة دفاع ليفربول والتي يقبع فيها النجم محمد صلاح الغير مكلف بأدوار دفاعية تساعد الغير متزن ذهنياً جو جوميز، مما أدى إلى أخذ الفرنسي الشاب كيليان مبابي لحريته المطلقة في المباراة في فعل مايشاء مع نيمار الآخذ لحريته في الملعب بشكل مستفز دون رقابة حقيقية تذكر من أي أحد عليه من وسط الملعب.

الخريطة الحرارية للفريقين بالمباراة

 

هذا الضعف في الجبهة اليمنى الدفاعية في ليفربول التي كانت تجبر جيمس ميلنر بالذهاب عرضياً على الخط كثيراً أمام جو جوميز لمحاولة إيقاف ضراوة الجبهة اليسرى الهجومية للنادي الباريسي، وهو مايأخذنا للمحور الثاني الذي ارتكز عليه الأحمر والأزرق اليوم وهو تحرر فيراتي من الأدوار الدفاعية اليوم، فيراتي كان بمثابة كلمة السر ونجم اللقاء الحقيقي، اللاعب الوحيد الذي استطاع الخروج بالكرة من أماكن الضغط العالي الذي كان يفرضه ليفربول إلى المساحات الفارغة -التي كانت موجودة في الأساس والتي كانت تزداد سوءاً بتحرك ميلنر بعيدة عن دائرة المنتصف- بمنتهى السلاسة والإرتياحية، والذي وصلت نسبة نجاح مراوغاته اليوم 100% (2/2) والذي وصلت نسبة نجاح تمريراته اليوم إلى 90% كثالث أفضل نسبة للاعبين على ارض الملعب بعد كلاً من فان دايك ودي ماريا 94% لكلاً منهما وأكثر من كل لاعبي نصف ملعب ليفربول اليوم.

 

الخريطة الحرارية لفيراتي في المباراة

 

ليفربول اليوم إمتلكت الاستحواذ على الكرة في أغلب أوقات المباراة، لكن افتقدت للاعب صاحب الرؤية الحاسمة في صناعة الفارق والربط مع الثلاثي الأمامي المنخفض مستواه, هذا الدور الذي كان يقدمه كيتا وبامتياز في بداية موسم ليفربول قبيل تعرضه للإصابات والاجهاد المتتالي وإلزامه بدكة البدلاء فيما بعد، وافتقدت للسويسري شيردان شاكيري الذي قدم مردود ممتاز عندما لعب في هذا الدور، والذي تحت إرادة وفرضية اللعب الواقعي كان حبيساً للدكة بجوار كيتا اليوم رغم ان وجوده اليوم كان سيمثل فارق جوهري في أداء الريدز كان سيجعل الفريق له شكل هجومي حتى لو كان مهمش دفاعياً ومعرض لأسوأ أنواع الإنتهاكات في الملعب.

 

هذه النقطة التي جعلتنا نرى اجتهادات فردية غير مكتملة من صلاح وماني التي افتقرت لكل معاني الدقة والتركيز، بجانب كارثية مستوى فيرمينو الذي كان خارج الحدث اليوم تماماً، وحلول ومحاولات فقيرة جداً تمثلت في خروج ميلنر على الطرف الأيمن لإرسال كرات عرضية طائشة لا يقابلها أحد سوى الدفاعات الباريسية.

 

“وجدتٌ بعد تدبر أن الاستحالة نوعان، إستحالة قدرية كأن يصير الواحد أكثر من الاثنين، أو أن يجتمع الشمس والقمر في رابعة النهار، واستحالة شرعية كأن يكون الوقوف بعرفة في غير التاسع من ذي الحجة، وما عدا ذلك فليس بمستحيل، فلو عزم أحدهم على نقل جبل لنقله”
-ناصر العمري-

Thiago silva and Marquinhos

باريس سان جيرمان استحق الفوز بشكل عظيم اليوم، أفضل مباراة لعبها الفريق الباريسي منذ بداية الموسم بل وأفضل مباراة لعبها باريس منذ مباراته أمام العملاق البافاري بالموسم المنقضي، هذا التفوق الذي نبع تكتيكياً من سحق توخيل لأفكار كلوب والذي نبع بشكل أهم من إرادة الفريق وكل اللاعبين في حسم تأهلهم دون النظر لحسابات الجولة الأخيرة وماتحمله أحياناً من مفاجأت قد تكون غير سارة، هذه الإرادة التي كانت نابعة من توخيل أيضاً في المقام الأول والتي كانت متجلية بنجاح شديد من تعبيراته وتأثره على الخط مع كل كرة تلعب هنا أو هناك.

 

هذه الروح التي أخفت في طياتها كوارث تكتيكية وقع فيها توخيل في بعض الأحيان مثل قرار تمركزه في الثلث الدفاعي من الفريق في آخر نصف ساعة بإخراج كافاني ودي ماريا المصاب ومشاركة المخضرم داني الفيش العائد من الاصابة وماكسيم شوبو موتينج، والتي كانت كفيلة بعودة الريدز إلى اللقاء لو كان الفريق الأحمر يحمل أبسط نسب الروح والعزيمة في تأدية أي شئ يشفع له اليوم.

 

ربما ريمونتادا برشلونة التاريخية أمام فريق العاصمة الباريسية، وبعدها خروج باريس بالشكل الساذج أمام العملاق ريال مدريد بالموسم الماضي قد كسرت حواجز نفسية كثيرة داخل أسوار النادي الباريسي، حواجز متمثلة في هوية النادي التنافسية وعدم استسلامه بسهولة للظروف المعاكسة للنادي، فالقتال اليوم من كل اللاعبين على أرضية الميدان كان نابعاً من ضغوط تعرضوا لها في الفترات الأخيرة والتي كانت تشكك في وفاء ورغبة اللاعبين على الفوز، والتي كانت تشكك في حبهم لكرة القدم من الأساس بالمقارنة بعبادة المال.

 

لكن ربما مباراة اليوم بالروح التي شهدتها هي بمثابة نقطة إنطلاق جديدة في تاريخ النادي وفي تاريخ بعض اللاعبين، وربما هي نقطة إنطلاق الفريق الباريسي للسعي وراء تحقيق لقب بطل دوري الأبطال لأول مرة في تاريخ النادي، فلا تاريخ لمن لا إرث له، ولا مستقبل لمن لا إرادة له.

 

في النهاية…

بإختصار تام، من أراد الفوز حصل عليه باستحقاق شديد، ومن لعب بتعالٍ نال هزيمة مستحقة تماماً، ومثلما فشلت المانيا النازية تاريخياً في دخول روسيا بالحرب العالمية الثانية، لم ينجح الفريق الإنجليزي في تحقيق أي فوز على الأراضي الباريسية منذ تحقيقه للنجمة الثالثة الشهيرة 1981، والتي لم تكن أمام طرف فرنسي بالمناسبة.

تعليقات الفيس بوك

الكاتب

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

اخر الأخبار