قبيل بدأ البطولة, وضعت مكاتب المراهنات منتخبي بلجيكا و ايطاليا في الترتيب الخامس و السابع بالترتيب، بلجيكا جاءت خامسة لكونها تحل اولي في التصنيف و لتملكها جيل وصف بأنه الجيل الذهبي للكرة البلجيكية علي مر العصور التي توالت علي الشياطين الحمراء، لكن الاتزوري، كعادته ، اثبت اليوم ان ما يكتب للمراهنات و في الصحف يبقي مجرد حبرا علي ورق بلا اي فائدة علي أرض الواقع، و ان فكر المدرب و التكتيك و الخبث الايطالي يبقي عملة لا تصدأ مهما مر عليها الزمن!
المنتخب البلجيكي دخل اللقاء مشحونا معنويا و مرشحا فوق العادة ليس فقط للفوز, و لكن البعض حتي رشحه لاكتساح الايطاليين و تلقينهم درسا، الشيء الذي بدا واضحا علي اداء لاعبيه في بداية اللقاء من ثقة و هدوء في بدأ الهجمات، و لكن الوضع لم يستمر هكذا كثيرا، فلاعبي بلجيكا بدأوا يستشعرون صلابة الفريق الذي امامهم و تحركه ككتلة واحدة، و انه لن يكون صيدا سهلا كما توقعوا. مارك فيلموتس بدأ اللقاء بخطأن كبيران في التشكيلة، الاول اضطراري بفعل الغيابات في الدفاع، و التي دفعته لفك الشراكة القوية بين ثنائي دفاع السبيرز الديرفيلد و فيرتونخين، و الدفع بالاخير في مركز الظهير الايسر، و اشراك فيرميلين البعيد عن المشاركة اساسيا، مع الدفع بالمتواضع سيمان في مركز الظهير الايمن، مما خلق خط دفاع غير متجانس و بطيء، و هو ما ظهر خصوصا في الهدف الاول و عدم قدرتهم علي التعامل مع مرتدات الايطاليين، و خصوصا سرعة كاندريفا و البديل ايموبيلي كما كان الحال في الشوط الثاني.الخطأ الثاني كان الدفع بمروان فيلايني في مركز لاعب خط الوسط المهاجم خلف لوكاكو، و عدم اعتماد دي بروينا في هذا المركز او موسي ديمبيلي كمتوسط ميدان ثالث مع فيتسل و ناينجولان، الامر الذي عطل كثيرا من هجمات الفريق و ترك الفريق البلجيكي غير قادر علي اختراق التكتل الدفاعي للايطاليين لبطيء الفيلايني في التحضير، و حتي الكرات الطويلة المفضلة له فشل في الاستفادة منها في ظل قوة ثلاثي الدفاع في التعامل معه، كما ان بعد هازار و دي بروينا عن بعضهم البعض جعل الفريق البلجيكي بلا حلول الا من بعض الاختراقات الفردية او التسديدات البعيدة من ناينجولان. تخبط فيلموتس و قلة حيلته تجلت اكثر مع تقدم الوقت و ظهور عجزه علي ايجاد الحلول للكتلة الايطالية المتمركزة امام مرماها، و التغييرات التي قام بها اكبر دليل، فبدلا من اخراج الفيلايني الغير مجدي تكتيكيا، اخرج ناينجولان الحركي و القادر علي تغطية مساحات كبيرة دفاعيا و هجوميا و دفع بميرتينز ليزاحم هازار في مركز الجناح الايسر، و ان كان ميرتينز اكثر فاعلية و خطورة في هذا المركز، التغيير المتأخر لكاراسكو ايضا اظهر حيرة فيلموتس و كأنه فقط يدفع بكل اوراقه الرابحة في الملعب منتظرا حدوث المعجزة عبر احد نجومه، فكثرة النجوم مع عدم توظيفهم جعل الفريق يبدو مفكك و عشوائي حتي اللحظات الاخيرة دون اي فرص حقيقية علي مرمي بوفون.
علي العكس تماما كان تعامل كونتي، مفاجأته كانت الثنائي جياكريني-بارولو، الاول تبادل مركزه بأمتياز مع دارميان يسار الملعب، احدهم يتقدم و الاخر يغطيه مع اعطاء حرية اكثر لجياكيريني للمشاركة الهجومية مثلما حدث في الهدف الاول الرائع و مهارته في استلام الكرة و انهاءها في شباك كورتوا، اما بارولو فكان جندي مجهول في الوسط ، يساند كاندريفا الرائع دائما علي اليمين، و يستغل لياقته الكبيرة في لعب دور اللاعب الاضافي دائما في الضغط علي حامل الكرة في وسط الملعب. ثنائي الهجوم بيلي و ايدر ربما لا يكونوا اصحاب امكانيات كبيرة لكن المجهود الكبير الذي بذلوه في الضغط علي الدفاع البلجيكي و العودة للتغطية تحسب لهم، كما ان اختيار دخول ايموبيلي كان قرارا صائبا، خصوصا في توقيته مع تحول المنتخب البلجيكي للعب بثلاثي في الخلف مما اعطي المساحات للانطلاق لمهاجم تورينو مثلما حدث في كرة الهدف الثاني.

اليوم اسكت كونتي الكثير من ابواق الانتقاد بحقه و بحق هذا الفريق التي تعالت في الاسابيع الماضية، كما ان منتخب بلجيكي اعاد طرح الاسئلة عن وضعيته كفريق مرشح و عن احقية فيلموتس في قيادة فريق يملك كل هؤلاء الاسماء دون استغلالها بالشكل الامثل، و ان كان لا يزال الوقت مبكرا للحكم علي الفريقان خصوصا بعد التعادل بين السويد و جمهورية ايرلندا ،و الاداء القوي خصوصا الذي ظهر به الفريق الايرلندي، و ان كان علي فيلموتس اعادة ترتيب اوراقه سريعا اذا كان يريد ان يستمر المنتخب البلجيكي في اليورو.