أوناي إيميري هو الطبيب الذي ساقته الأقدار ليعيد نبض الحياة إلى قلب أرسنال، بعد سنوات من الاحتضار أصابت محبيه باليأس.
سنوات تدنى فيها مستوى أرسنال تدريجيا، وتقلصت معه طموحات جماهير ملعب الإمارات.
فبعد أن كان أرسنال يتبادل الفوز بالبريمييرليج مع مانشستر يونايتد، أصبح اللعب في دوري الأبطال مجرد حلم.
فقد فاز أرسنال بالبريمييرليج للمرة الأخيرة موسم 2003-2004، ومنذ ذلك الحين لم يذق طعم التتويج باللقب.
ومع دخول الأندية ذات رؤوس الأموال الضخمة إلى السباق، تضاءلت فرص أرسنال في المنافسة على الألقاب.
واكتفى أرسنال بتقديم الكرة الجميلة مع إهداء نجوم جدد إلى عالم كرة القدم، ثم يقوم الفريق ببيعهم فيما بعد.
لم يستطع أرسنال مجاراة تلك الأندية التي تشتري نجوم الصف الأول من اللاعبين، وكان أرسنال أحد ضحاياها.
وعلى عكس مانشستر يونايتد، لم يستطع أرسنال الصمود والحفاظ على قوام الفريق، وفقد نجومه تدريجيا الواحد تلو الآخر.
وفي المواسم التي لم يفز فيها مان يونايتد باللقب، لم يقو أرسنال على اقتناص القمة، ولكن تنازل عنها إلى تشيلسي ومانشستر سيتي.
حتى في موسم 2015-2016 عندما رفع كبار المسابقة رايتهم البيضاء، فشل أرسنال في منافسة ليستر سيتي وتخلف عنه بعشر نقاط.
وبعد التنازل عن المنافسة على اللقب، تنازل أرسنال أيضا عن المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا.
وعلى الرغم من تحقيق الرقم القياسي بالفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي 7 مرات، لم يشفع ذلك لأرسين فينجر عند الجماهير المتعطشة.
ومع مجيء أوناي إيميري وتسلمه مقاليد الأمور، لم يرتفع الجمهور بسقف الطموحات أكثر من العودة إلى دوري الأبطال مجددا.
خاض الفريق مع إيميري فترة إعداد لا بأس بها، ولم يخسر في التجارب الودية.
ولكن لم يقم الفريق بإجراء صفقات من العيار الثقيل، لكي تعين إيميري في بداية طريقه الشاقة.
ولم تكن هناك بداية أصعب من مواجهة مانشستر سيتي وتشيلسي، في أول جولتين من الدوري.
وبالفعل خسر أرسنال المباراتين، الأولى ضد مان سيتي بدون مقاومة، والثانية أمام تشيلسي بعد أداء جيد.
بداية كهذه كانت كفيلة بفقدان الثقة وتوتر الأجواء بين المدرب والجماهير، وكان من الممكن أن تؤدي إلى سلسلة هزائم محبطة.
لكن إيميري حافظ على هدوئه، واستمر في طريقه بشجاعة، وبث الثقة في نفوس لاعبيه.
تمسك إيميري بطريقة لعبه المفضلة 4-2-3-1، بتواجد لاعبي ارتكاز في قلب وسط الملعب بدلا من واحد في طريقة فينجر.
وانتفض أرسنال مع إيميري وفاز في تسع مباريات متتالية، ما بين البريمييرليج والدوري الأوروبي وكأس كاراباو.
ويعد هذا الرقم من الفوز المتتالي إنجازا لإيميري في أول مواسمه، خاصة وأنه لم يتحقق منذ عام 2015.
يتساءل الجميع عن كيفية صنع إيميري لهذا الفارق، والتحول في شخصية الفريق إلى تحقيق الفوز دائما.
ويبدو تأثير إيميري واضحا على توليفة اللاعبين التي يقدمها، فقد اكتشف مواهب مختلفة بجانب تطوير النجوم القدامى.
فقد منح إيميري فرصة اللعب للفريق الأول لمجموعة كبيرة دفعة واحدة، مما ساهم في ظهور الفريق بمثل تلك الحيوية والانطلاق.
فتجد لاعبا مثل لوكاس توريرا (22 عاما) يقوم باستعادة الكرة من الخصم 8 مرات في مباراة فولهام الأخيرة.
وهناك ماتيو جيندوزي (19) الذي أتى به إيميري من الدرجة الثانية في فرنسا،ولعب مع أرسنال أكثر مما لعب مع لوريان الفرنسي.
كما ثبت إيميري أقدام أليكس إيوبي في التشكيلة الأساسية، بعدما قام فينجر بتصعيده في السابق.
وإلى جانب الشباب، ساعد إيميري الكبار على التألق، وخير مثال على ذلك الفرنسي ألكسندر لاكازيت.
وشارك لاكازيت بهدفين رائعين في خماسية فولهام، وتميز بالثقة العالية والدقة المتناهية في إنهاء الهجمات.
كما بدأ بيير أوباميانج في التوهج، وعاد إلى مستواه المعهود مع دورتموند، وبدأ يشكل مع لاكازيت ثنائيا رائعا في الدقائق التي يلعبانها سويا.
وكان لعمل إيميري بالغ الأثر في نفوس الجماهير، التي غنت للفريق: “لقد عاد إلينا فريقنا أرسنال”.
وعلق إيميري على مستوى فريقه المتميز: “أنا أؤمن بفريقنا، لابد أن نستعيد الثقة أكثر وأكثر”.
“أنا متقين من أننا سوف نصبح جزءا من الحرب على القمة، ولكن علينا أن نستعد دائما ونستمر في التحسن”.
“لا بد أن نشعر بأننا معا دائما، من المهم أن يتحد الفريق واللاعبون والمشجعون معا، هذه هي عقلية فريقنا”.
وبعد أن هتفت الجماهير ضد أرسين فينجر والإدارة في الموسم الماضي، أصبح لديهم ما يفخرون به هذا الموسم في انتظار مستقبل أفضل.