في بداية الألفية وحتي 2010 تعودنا علي أسماء مثل كانافارو، نيستا، ماتيراتسي، بارزالي وغيرهم كمدافعون إيطاليون بارزون، لم يكن اسم “أندريا راجي” أبدا لافتا للإنتباه في شبه الجزيرة الإيطالية، موطن وزراء الدفاع علي مر التاريخ. بقي “راجي” مجرد مدافع رحالة بين فرق الوسط والمؤخرة، حتي جاءه عرضا من موناكو الفرنسي في 2012 كان مسار تحول كبير في مسيرة صاحب ال32 عاما حاليا. فكيف تحول “راجي” من اسما مجهولا في بلاده إلي معشوقا لجماهير فريق الإمارة الفرنسية؟
راجي بدأ مشواره مع فريق إمبولي في 2003، حيث قضي أربعة مواسم لفت فيها الإنتباه كمدافع شاب واعد يجيد في أكثر من مركز، لينجح نادي باليرمو العائد للأضواء مؤخرا وقتها في التعاقد معه مقابل 7 مليون يورو، مبلغ كبير لمدافع مغمور، لكن كونك مدافع إيطالي شاب قد يبرر المبلغ. راجي في باليرمو خيب الآمال، ففي موسمين لعب فقط لقاءين، وفشل في تقديم المنتظر منه، مما دفع الفريق الوردي لإعارته لسامبدوريا وبولونيا، لكن دون جديد، حيث فشل في التألق مع أي منهم، مما دفع باليرمو لإعارته مرة ثالثة، هذه المرة لباري.
كان باري وقتها في 2011 قد باع لتوه “أندريا رانوكيا” لانتر ويبحث عن معوض له. مدرب باري وقتها والأتزوري الحالي “فينتورا” رأي أن “راجي” قد يكون الأنسب لتعويض نجمه الراحل، لكن مرة أخري “راجي” يخيب الآمال. فينتورا لم يعتمد علي راجي إلا كبديل في البداية، ثم كظهير أيسر وأيمن لتعويض الغيابات في صفوف فريقه، ليعود إحتياطيا مع تعاقد الفريق مع زميله الحالي في موناكو كميل جليك.
المحطة القادمة في مسيرة “راجي” كانت توقف ثاني، لكن قصير هذه المرة، في بولونيا،مقابل فقط 200 ألف يورو.مشاركات قليلة وباهتة، ليقرر الفريق التخلي عنه في الصيف، ليصبح لاعبا حرا في صيف 2012، لكن هذا الصيف سيكون هو نقطة التحول في مسيرة الإيطالي..
في هذا الصيف تعاقد المليادير الروسي “ريبولوفيليف” مالك موناكو مع الإيطالي كلاوديو رانييري في محاولة لإعادة نادي الإمارة لدوري الدرجة الأولي مرة أخري. رانييري كان يعلم أن رغم توافر الأموال، كان من الصعب إقناع الأسماء الكبيرة بالإنتقال للعب في دوري الدرجة الثانية الفرنسي، فقرر البحث في بلده عن أسماء قد تغريها أموال الروسي لخوض المغامرة، وكان “راجي” إحدي تلك الأسماء، حيث تعاقد معه موناكو في يوليو 2012 دون مقابل.
في موسمه الأول، نجح رانييري في قيادة الفريق للعودة لدوري الأضواء، حيث توج بطلا لدوري الدرجة الثانية. راجي برز كقائدا لدفاع الفريق، حيث لعب 35 لقاءا،شيء لم يحدث أبدا في أيامه في الكرة الإيطالية.في نهاية الموسم، الرابطة الفرنسية إختارت راجي ضمن فريق الموسم لدوري الدرجة الثانية.
في الموسم التالي،موسم2014-2015، ورغم وصول عديد الاسماء اللامعة، إلا أن راجي نجح في تثبيت مكانه في دفاع الفريق، ووضح إعتماد رانييري عليه كقائد لدفاع الفريق.في موسمه الأول في دوري الدرجة الأولي راجي خاض 22 لقاءا، حيث نجح في قيادة الفريق لمنافسة باريس ساينت جيرماين علي درع الدوري وللعودة لدوري الأبطال.
مع رحيل كلاديو رانييري ووصول البرتغالي “بارديم” إعتقد البعض أن زمن راجي مع موناكو قد شارف علي الإنتهاء، لكن راجي واصل تألقه وحافظ علي مكانته أساسيا مع بارديم، حيث شارك في 27 لقاءا في الدوري، ووصل مع الفريق لربع نهائي دوري الأبطال وخرج بصعوبة أمام يوفنتوس. بعد هذه المباراة بدأت أنظار الإيطاليين تلتفت لوجود مدافع إيطالي يقدم عروض مميزة خارج حدود بلادهم، وبدأ اسم راجي يتحول لمعشوق لجماهير المدينة الساحلية.
الآن، في موسمه الخامس في فرنسا، وبعد خوضه 130 لقاءا في كل البطولات، يستمر “راجي” قائدا لدفاعات موناكو، معيدا إنجاز قيادة الفريق لربع نهائي دوري أبطال أوروبا بعد أداء بطولي أمام مانشستر سيتي، مؤكدا علي أن كونك فقط مدافع “إيطالي”، حتي ولو مجاني، قد يكون كافي للنجاح في أي مكان حول العالم!