“إلى أسطورتي المفضلة ولاعبي المثالي، إلى أحد أفضل اللاعبين الذين ارتدوا قميص النادي الأهلي عبر التاريخ، إلى الحاوي وليد سليمان.
أعلم أنك أعلنت نيتك في الاعتزال منذ عدة أشهر بعدما حصد الفريق الميدالية البرونزية الثانية على التوالي في كأس العالم للأندية.
تقبلت الخبر “بقليل” من الحزن، أمر طبيعي لمشجع يعلم بخبر اعتزال أحد نجوم فريقه.
ثم تخطيت الأمر وأنا أقول لنفسي أنك لن تعتزل في الحال، ما زال أمامك حتى نهاية الموسم، إذًا لأستمتع بالقليل الذي تبقى من مسيرتك الكروية كما متعتني لأكثر من 11 عامًا مثلت فيهم الأهلي خير التمثيل.
ومرت تلك الشهور سريعًا مثلما مرت سنواتك الجميلة مع الفريق، اليوم أصبح لا مفر لدي من مواجهة الأمر الواقع وتقبل أن مسيرتك الكروية قد انتهت رسميًا.
مسيرة عظيمة كان أسوأ ما فيها أنها الآن تنتهي.
ربما الأمر غريب بعض الشيء، فأنت لا تعرفني من الأساس وأنا لم أتحدث معك من قبل، ومع ذلك فأنت مرتبط بالعديد من اللحظات السعيدة بحياتي ارتباطًا مباشرًا، تلك هي كرة القدم.
عندما قلت في السطور السابقة إنني تقبلت قرار اعتزالك منذ عدة أشهر “بقليل” من الحزن كنت أقصد ما أعنيه، وذلك مقارنة بحزني الآن بعدما تأكدت أنني لن أرى الكرة مروضة تحت يُسراك الذهبية تفعل بها ما يفوق توقعات كل من يشاهدك.
القدم التي حسمت للأهلي الأميرة السمراء السابعة من قلب رادس، بعد هدف في شباك الترجي من أجمل ما سُجِّلَ في نهائيات دوري أبطال أفريقيا التي حصدت لقبها أربع مرات.
قدم كان لها تأثير كبير في لقاءات الديربي أمام الزمالك بتسجيل أربعة أهداف وصناعة خمسة آخرين، من بينهم أسيست أيقوني “للساحر” محمد أبو تريكة الذي أصبحت أنت من بعده “حاوي” الأهلي في الملاعب ومعشوق جماهيره.
مع العلم أن يُمناك لم تكن أقل إبداعًا من يُسراك، أشهد على ذلك أنا وآلاف آخرين كانوا متواجدين في ملعب القاهرة الدولي يوم السادس من ديسمبر عام 2014، في مباراة نهائي الكونفدرالية الأفريقية، وتحديدًا في الدقيقة 96.
عندما أرسلت إلى عماد متعب عرضية متقنة بقدمك التي من المفترض أنها الأضعف، لكنها كانت في منتهى البراعة، ليسجل هدفًا تاريخيًا كان من أسعد اللحظات في حياة معظم الجماهير الحمراء، وكنت أنت من أسباب تلك الفرحة.
أذكر تصميمك على الانتقال إلى الأهلي عام 2010 لدرجة دخولك المستشفى بسبب شعورك باليأس، أعلم أنك كنت تحلم باللعب للنادي الذي تعشقه منذ صغرك مثل عشق جماهيره، وها أنت الآن أصبحت وليد سليمان، واحد من أساطير النادي الأهلي عبر تاريخه، ولست مجرد لاعبًا مر على الفريق.
حققت 22 بطولة مع الفريق وسجلت 75 هدفاً وصنعت 48، ومع ذلك فعشقي لك لم يكُن مشروطًا بإنجازاتك داخل الملعب فقط.
أذكر موقفك الذي لا يُنسى في الثامن من فبراير عام 2015، عندما اتخذت موقفًا نبيلًا بإلغاء حفل زفافك ودخولك في نوبة بكاء بعد سماعك بالمأساة التي حدثت في ملعب الدفاع الجوي.
أتخيل لو كنت أكملت ذلك اليوم بشكل طبيعي وكأنك لم تعرف شيئًا عن الأمر ولم تتخذ أي موقف من الأساس، لم يكن ليلومك أحد على الإطلاق.
لكني أعلم أن مشاعرك حينها كانت نابعة من إنسان صادق مع ذاته يمتلك مبادئ نبيلة في الحياة.
أود أن أخبرك أمرًا، أنا من أشد المتابعين لأخبار فريقي باستمرار ومع ذلك لا أتذكر كم مرة جددت تعاقدك مع الفريق وفي أي فترة وكم كانت القيمة المالية، وكأن ارتباطك بالنادي لم يكن مشروطًا بعقود من الأساس وإنما كان أكبر من ذلك بكثير.
لقد كنت لاعبًا مثاليًا داخل وخارج الملعب، أسطورة استثنائية بكل المقاييس، كنت حقًا مخلصًا محبًا للنادي الأهلي ولم تبحث أبدًا عن أي مجد شخصي دون النظر لمصلحة الفريق، على عكس لاعبين آخرين، كان الجمهور يحبهم أيضًا، لكنهم لم يُقدّروا هذا الحب، وأنت لم تكن مثلهم.
وبالتالي ستظل مرتبطًا بالنادي الأهلي في السنوات القادمة رغم اعتزالك، ستظل طيب الذكر دائمًا بين الجميع لأنك تستحق ذلك، وأنا أعلم أنك تشعر بحب وتقدير الجمهور لك، وأعلم أن هذا يعني لك الكثير.
وداعًا يا حاوي، وداعًا وليد سليمان”.
اقرأ أيضًا: لماذا تُحب كرة القدم؟ السؤال الأصعب على الإطلاق لأي مشجع