الكرة المصريةلا أحد ولا مائة ألف.. الرجل الذي سقط من السماء بدون أجنحة

لا أحد ولا مائة ألف.. الرجل الذي سقط من السماء بدون أجنحة

- Advertisement -
- Advertisement -

في أحد أعمال الكاتب الايطالي الشهيرلويجي برانديلوقصةلا أحد ولا مائة ألفوالتي ظل يكتبها لمدة ١٥ عامًا، جسد شخصية الرجل الثائر ضد نفسه.

كان يعيش موسكاردا حياة مستقرة حتى أخبرته زوجته باعوجاج أنفه لليمين، وقف أمام المرآة وتأكد من صدق روايتها،كانت لحظة مشؤومة في حياة الرجل الذي بدأ يفكر ويسبح في تفكيره، وأصبح يرى وجهه بصورة مختلفة، ومن هنا كانت الأزمة! الرجل يتساءل اذا كنت لا أعرف وجهي الحقيقي الذي أراه كل يوم في المرآة، فكم وجه املك يراه الناس وأنا لا أعرفه؟

بدأ في البحث داخل نفسه وخارجها، لم يعد يعرف كيف يتعرف على نفسه، ولم يعد يعرف من هو؟ بدأ موسكاردا حرب حقيقية لتدمير الصورة التي أعطاها له العالم بشكل تعسفي.

خسر البنك الذي ورثه عن والده، وخسر شراكاته، وحاول التخلص من وجه الرابي الذي ورثه عن والده أيضًا، ومن هناانقلبت حياته رأسًا على عقب..

وبين قصة خيالية وقصة حقيقية تبدأ قصتنا في أكتوبر 2021، لكن قبل أن نبدأ القصة، نود التذكير أنه منذ أيام احتفل لاعب الأهلي محمد مجدي أفشة بعامه 27، واذا كنت متابعًا جيدًا فبالتأكيد قد لاحظت تباين بين العام الحالي والماضيوسابقه في الاحتفال بعيد ميلاد صانع ألعاب الأهلي.

لم يضج فيسبوك بصور هدفه التاريخي في الزمالك، ولم يتصدر اسمه رفقة كلمةالقاضيةتريند تويتر

ماذا حدث بين أفشة وجمهور الأهلي؟ خاصة بعد بعدما كان يسير على خطي أساطير في الأهلي، وكان الفتي المدلل للجماهير! سؤال لا يكفيه اقتضاب الجواب.

نعود لأكتوبر 2021، وتبدأ القصة باستبعاد المدير الفني الجديد لمنتخب مصر، لأبرز لاعب في مصر منذ ما يقرب من 12 شهر، وكرر نفس الامر في الشهر التالي،كيروش يعلن قائمة منتخب مصر لمعسكر نوفمبر بدون محمد مجدي أفشة مرة أخرى“.

من هذه النقطة بدأ الحديث عن أمر لم يكن يراه الشارع، ضعف المردود الدفاعي لأفشة يرهق ويهدد أي فريق اللاعب يعاني بوضوح في مرحلتين أساسيتين من مراحل اللعب عملية الضغط والتحول من الهجوم للدفاع، بصورة عامة مردود أفشة الدفاعي ضعيف، وهذا أمر قاتل لأي فريق يلعب لمدة طويلة بدون الكرة.

وبالذكر أول من التفت لهذا الأمر كان المدرب الأسبق للأهلي رينيه فايلر، في مباراة العودة ضد صنداونز في بريتوريا 2020، بدت نية المدرب السويسري واضحة منذ البداية بأنه سيلجأ للدفاع معظم أوقات المبارة ويعتمد على التحولات السريعة، وكرر ببتسو موسيماني نفس الأمر في العام الذي تلاه ضد نفس الفريق وعلى نفس الملعب، وفي المباراتين كان أفشة خارج التشكيلة الأساسية لأسباب فنية، رغم مشاركته في لقائي الذهاب.

نعود لنكمل..

استدعي كارلوس كيروش اللاعب لأول مرة في البطولة العربية، وبالفعل عادت الأمور لنصابها كما توقع الجميع،أفشة أساسي في تشكيلة منتخب مصر في أول مبارياته ضد لبنان، لكنه شارك كبديل في المباراة التالية ضد السودان، ولم يشارك في ثالث مباراة ضد الجزائر.

اتضح بعد ذلك أن كيروش كان مشغولًا طوال البطولة بالبحث عن لاعب ثالث في وسط الملعب إلي جانب عمرو السوليةوحمدي فتحي، حيث أشرك أيضًا، حسين فيصل وزيزو ومصطفي فتحي وأيمن أشرف ومهند لاشين وظل يغير بينهم أثناء المباريات وداخلها على مدار البطولة.

الفرصة الأخيرة

عاد أفشة للمشاركة أساسيًا في مباراة نصف النهائي ضد تونس، حيث شارك كثالث في وسط الملعب، ويبدو أنه لم يقنع المدرب فلم يبدأ الشوط الثاني الا وكان مجدي خارج الملعب، حيث كان أول تبديلات كيروش قبل بداية الشوط.

ومن هنا كانت المحطة الأخيرة لنجم الأهلي خلال حقبة كيروش، حيث شارك في مباراة الثالث والرابع ضد قطر في الدقيقة 29 من الشوطين الإضافيين، أي الدقيقة 119، بعدها أعلن المدرب البرتغالي قائمة كأس الأمم الافريقية بدون أفشة.

وصرح كيروش حينها:”اختيار اللاعبين أمر خاص بي وهذه مسؤوليتي، ندرس كل شيئ عن اللاعبين سواء بدنيا أوذهنيا أو نفسيا، ونعلم جيدا حجم المنافسة التي سنخوضها،، سنواجه منتخبات قوية تضم عدد كبير من المحترفين فيأوروبا“.

وبالتوازي كان الأهلي في تلك الفترة بدأ يغير طريقته لأول مرة منذ سنوات، حيث لعب بيتسو موسيماني المدير الفني الأسبق للأهلي في البداية بطريقة 3-4-3 ثم 4-4-2 والطريقتان لا يشملان مركز 10 وهو المركز المفضل لأفشة، وكان يشارك اللاعب أحيانًا كارتكاز مساند في وسط الملعبمركز ٨  وأحيان اخري على أي من طرفي الملعب.

ومن هنا بدأت حالة الهبوط بلا أجنحة، انخفاض يزداد يومًا بعد يوم في مستوى اللاعب، وصل سواريش وعاد الأهلي لطريقة 4-2-3-1 وعاد أفشة للمشاركة معه أساسيًا لكن بعد فترة قصيرة قررت إدارة الأهلي بالاتفاق مع المدرب، إراحة عدد كبير من لاعبيه الاساسيين، حتي نهاية الموسم.

انفجار الغضب المكتوم

مع بداية الموسم الحالي ووصول مارسيل كولر، استمر الأهلي على طريقة 4-2-3-1، حجز الوافد الجديد برونو سافيو مكانًا في تشكيلة الفريق الأحمر، بدأ سافيو الموسم في مركز صناعة اللعب، وكان أفشة يشارك في معظم المباريات كبديل.

بدأمجدي أفشةيدخل التشكيل الأساسي تدريجيًا، وكان يعيش حالة من التباين في المستوي فيحتفي به الجمهور في مباراة ويتلقى الهجوم في التالية، لكن تصديه لركلة لركلة جزاء في الثواني الأخيرة ضد فيوتشر وإهدارها، ثم إهدار فرصة محققة أمام ريال مدريد وترا العلاقة بصورة غير مسبوقة مع الجمهور.

وبدأ يتردد أنأفشة استكفى ولم تعد تشغله كرة القدم، بعد هدفه في الزمالكلكن هل لتلك السردية وجاهة حقيقية؟

في واقع الأمر أنهي أفشة موسمه الأول مع الأهلي ٢٠/١٩  بواقع ١٩ مساهمة، في حين أنه في الموسم التالي ٢١/٢٠ والذي تبع هدفه في الزمالك، ساهم في ٢٥ هدف منهم ٧ مساهمات من بداية مرحلة المجوعات في دوري أبطال أفريقيا وشارك في غالبية أهداف الفريق في ذلك الوقت.

تقصير اللاعب خارج الملعب

لا نستطيع نفي أو تأكيد ذلك، لكن من أسباب حالة الغضب التي تراكمت لدي بعض من جماهير الأهلي كانت انتشار صورًا لأفشة وبعض زملائه في أحد المناسبات العامة، قبل وقت قليل من مباراة هامة وحاسمة للفريق في مشواره في بطولة الدوري الموسم الماضي.

تهديد مدمر

بوصول كيروش وتغيير الأهلي لطريقة لعبه شعر أفشة بالتهديد لأول مرة، اللاعب لم يعد له مكان في تشكيل الأهلي أو منتخب مصر.

حالة من التشتت أصابت صاحب الرقم ١٩، وسيطرت عليه حالة من الرغبة في التماهي مع متغيرات كرة القدم، خاصة مع ندرة استخدام المركز ١٠ في كرة القدم بشكل عام حاليًا، فأصبح يشارك في الارتكاز المساند تارة، وأحيان أخرى يلعب على طرف الملعب.

ما يفصل بين افشة الحالي وافشة سابقًا أنه كان يعي إمكانياته ومميزاته، يعرف مناطق تميزه ونقاط ضعفه، لكن منذ ذلك الحين أصبح أفشة لاعبًا آخر، يبحث عن شخص آخر في نفسه او لاعب آخر ليس له وجود

أصبح أفشة يبحث عن أوجه بداخله، لا يملكها، لكن وجهه الحقيقي بهت ولم يعد كما كان من قبل، رحلة بحث قد تدمر وجهه الحقيقي الذي ميزه.

في نهاية الأمر الجميع يرى التذبذب في مستوى اللاعب، لكن ما يتعرض له أمر قاسٍ جدًا، فهناك أسماء لا يختلف عليها اثنان مر عليهم موسم وأكثر كانوا خارج الخدمة.

خسر موسكاردا زوجته وشركائه وعمله في النهاية، لكنه شعر بالحرية، كمان لو كان شجرة ترتجف نفسا من أوراق جديدة، أو سحابة، شعر بالسعادة لمجرد أن كل شيئ مجرد.

ويحتاج أفشة أن يقف أمام المرأة مثل موسكاردا لكن ليتسائلهل أنا نفسي فعلًا أم صنع مني الآخرون الشخص الذي أظنه حقيقتي؟“.

تعليقات الفيس بوك

الكاتب

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

اخر الأخبار