الحمل والوالدة والرضاعة الطبيعية والتغيرات البيولوجية التي تصطحب تلك العمليات بالتأكيد تؤثر على الطبيعة الجسدية واللياقة البدنية للرياضية، في الماضي كنا نجد تلك البطلة العالمية التي اتخذت قرارها بالاعتزال في قمة مستواها لانشغالها بحياتها الاجتماعية ورغبتها في أن تصبح أمًا.
ولكن خلال العقد الأخير بدأ يظهر لنا نماذج عديدة من السيدات اللتي استطعن الجمع بين كونهن رياضيات ناجحات وأمهات في نفس الوقت، من خلال الاهتمام باللياقة البدنية ليصبح دور المعد البدني لا يقل أهمية عن دور المدير الفني بل بتفوق عليه في بعض الأحيان.
وبالتأكيد كانت أبرز تلك النماذج اللاعبة العالمية سيرينا ويليامز التي أعلنت عن حملها في خبر كان صادم بالنسبة لمشجعينها وظن البعض أن مسيرتها قد إنتهت هنا، ولكنها فاجأت الجميع وعادت وشاركت ببطولة أستراليا المفتوحة وتوجت باللقب خلال حملها في الشهور الأولى.
ولم تتوقف سيرينا عند هذا الحد ولكن بعد إنتهاء فترة الحمل عادت سيرينا من جديد للملاعب الصفراء وتُوجت بالعديد من البطولات ولم تتأثر بالأمومة أو الحمل.
قد تجد الأمر طبيعي نظرًا لكونها لاعبة أجنبية، ولكن هل تعلم أن لدينا في مصر عدد كبير من نماذج الرياضيات اللاتي نجحن في الجمع بين الرياضة والأمومة؟
دعني احدثك عن تلك الحكايات التي لم تعتاد سماعها على المستوى المحلي، ولكنك تنبهر كثيرًا بتلك النماذج الأوروبية ظنًا منك أنها أمور بعيدة المنال بالنسبة إلينا.
نور الطيب بطلة داخل وخارج الملاعب الزجاجية
نور الطيب هي لاعبة اسكواش عالمية استطاعت حصد 12 لقبًا فرديًا للمحترفين في مسيرتها.
من ضمنهم بطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش موسم 2017 عندما وقفت على منصات التتويج رفقة زوجها علي فرج الذي حقق نفس اللقب بمنافسات الرجال، ليصبحا أول زوجين في تاريخ الرياضة يحققان نفس النسخة من نفس البطولة.
ورغم تواجدها الدائم ضمن المصنفات العشر الأوائل إلا أنها لم تتردد في اتخاذ خطوة الحمل، وبالفعل أعلنت نور ابتعادها عن الملاعب الزجاجية لأنها تنتظر مولودتها فريدة.
ظن الجميع أن نور لن تعود للملاعب من جديد، وأن صفحة انجازاتها قد انطوت للأبد، إلا أنها فاجأت الجميع بعودتها للتدريبات مرة أخرى بعد شهرين فقط من الولادة.
وبعد 60 يومًا من التدريبات المكثفة والمتواصلة عادت نور الطيب لملاعب والمنافسة من جديد.
انجاز رائع أليس كذلك؟ لكنه لم يكن كافيًا بالنسبة لبكطلتنا التي خُلقت لتكون بطلة داخل وخارج الملاعب الزجاجية.
وخلال أقل من عام عادت نور لمكانتها الطبيعية بين المصنفين العشر الأوائل، ليس هذا فقط، بل عادت أيضًا لمنصات التتويج في خلال أقل من عامين، بعد تتويجها بلقب بطولة مانشستر المفتوحة للاسكواش.
لترفع رصيدها من البطولات لـ 13 بطولة للمحترفين، وتكرر انجازها السابق رفقة زوجها علي فرج ويُتوجا بنفس النسخة من نفس البطولة.
وتُبت للجميع أن المرأة قادرة على فعل ما يظنه الجميع مستحيلًا.
غادة حسام وطموح لا سقف له
أيضًا غادة حسام حارس مرمى فريق كرة اليد بالنادي الأهلي، والتي نجحت في الجمع بين كونها أم ناجحه وأفضل لاعبة في مصر.
كانت غادة حسام من أبرز اللاعبات في مصر وقدمت أداء أكثر من جيد رفقة الأهلي وساهمت في حصد العديد من البطولات للمارد الأحمر.
قبل أن تتخذ قرار بخوض تجربة الحمل والولادة، لم يكن هذا القرار سهلًا بالتأكيد، ويعد تضحية كبيرة وتهديد لمسيرتها الرياضية بجانب كونه مسئولية ضخمة.
لكن بمساعدة زوجها وأسرتها لم تلتفت بطلتنا لكل هذه الأمور وقررت أن تخوض التجربة التي وصفتها بـ الأفضل في حياتها.
وخلال فترة الحمل اكتفت غادة الحاصلة على بكالوريوس التربية الرياضية ببرنامج تدريبي وضعته بنفسها ليتناسب مع الحمل.
لم تكن تلك الفترة سهلة عليها، حيث عانت من أجل الحفاظ على وزنها وأن تكون الزيادة أو النقصان بنسب طبيعية.
كما عملت على تدريبات من أجل تسهيل عملية الولادة الطبيعية، لتتمكن من العودة للملاعب بشكل أسرع عكس القيصرية.
استمر الوضع بهذة الوتيرة حتى تمكنت أخيرًا من وضع طفلها، وبعد أربع شهور فقط من الولادة، عادت غادة من جديد للصالة بوزن مناسب ولياقة عالية، وبدعم جهازها الفني وثقتهم بقدراتها بدأت الموسم رفقة الأهلي أساسية.
لم تتوقف غادة حسام عند استعادة مركزها بالفريق فقط، بل نجحت في حصد جائزة أفضل لاعبةفي الألعاب الجماعية موسم 2021، وأفضل حارس في الموسم بجانب حصد كافة بطولات الموسم مع الأهلي.
والجدير بالذكر أن خلال الفترة الأخيرة تعمل الأم واللاعبة غادة حسام على تحضير دكتوراه كتحدي جديد لبطلة من طراز عالمي، لا حدود لطموحها.
وعلقت بطلتنا في تصريحات لـ كايروستايدوم قائلا:- “تجربة الأمومة ليست سهله أبدا ومسئولية كبيرة، ولكنني لم أندم عليها يوما، احساس رائع أن ترى طفلك وهو يعاصر إنجازاتك الشخصية، وترى الفخر وبريق الحب في عينه”.
وأكملت” كنت متحمسة للغاية لتجربة هذا الشعور وكان أفضل مما توقعت، وتواجد طفلي بجانبي حافز كبير لي من أجل تقديم الأفضل دائمًا وجعله فخورًا بكل ما أصنع”.
وأوضحت”استطعت الجمع بين الأمومة والرياضة من خلال دعم أسرتي وزوجي لي، بجانب تفهم الجهاز الفني للفريق لظروفي كأم”.
وتابعت”أحاول بذل قصارى جهدي تربية طفلي بشكل سليم ليكون شخص سوي وجيد، والحفاظ على حياتي الرياضية وتقديم أفضل أداء ممكن، بجانب دراستي والدكتوراه التي أعمل عليها”.
غادة بطلة ونموذج مشرف للسيدات المصريات، وإثبات للجميع بأن المرأة المصرية قادرة على التميز في كل المجالات واثباتها جدارتها وقدراتها الغير محدودة.
ليس نور الطيب وغادة حسام فقط، بل هناك مئات الأمهات تمسكن بأحلامهن وطموحهن، ورفضت أن تكون الأمومة عائق أمامها في تحقيق أحلامها أو تكون حياتها عائق لأمومتها.
اقرأ أيضًا
سلسلة بطلات في كل مجال… ويلما رودولف
لمتابعة صفحتنا الرياضة مش كورة وبس عبر تويتر وفيسبوك.