ريال مدريد 2016-2022....بين الحقيقة المطلقة وأوهام الخيال(الجزء الأول)

ريال مدريد 2016-2022….بين الحقيقة المطلقة وأوهام الخيال(الجزء الأول)

Array
- Advertisement -
- Advertisement -

هناك خيط رفيع بين الحقيقة المطلقة والخيال، وما بينهما مئات التفاصيل والأحداث التي نعجز أو نتكاسل عن قراءتها لأسباب عديدة، فالواقع أننا في كثير من الأحيان نري الأمور كما هي من الخارج فقط ولا ندقق في صغائرها، ونخشي معرفة الحقيقة لأنها ليست دائما في صالحنا، أو لأنها ستجعلنا نراجع قناعاتنا أو مسلماتنا، وهو ما يتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة والمرونة.

ولا يوجد مثال ينطبق عليه ماسبق أكثر من كرة القدم، فهى لعبة عشوائية رغم أنها تحتوي علي العديد من التفاصيل، وفي هذا التناقض يكمن جمالها، فعلي سبيل المثال تطور علم التدريب فى السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا وأصبحت أفكاره أكثر تعقيدا، وعلي الرغم من محاولات المدربين المستميتة التحكم والسيطرة علي ما يجري داخل الملعب إلا أن الأمر يكاد يكون مستحيلا، وذلك بسبب كثرة المؤثرات والعوامل الخارجية، فلن يستطيع المدرب التحكم في قرارات الحكم أو قرارات اللاعبين المؤثرة أثناء المباراة، أو أرضية الملعب وظروف الطقس، أو تأثير الجمهور و مشاكل اللاعبين الشخصية، كلها أمور تسهم بنسبة ما لن نستطيع أبدا معرفتها بالشكل الدقيق في نتيجة المباراة.

من هنا يمكن القول بأنه لا حقيقة مطلقة في كرة القدم، وأن معظم الأمور نسبية تقبل الشك في كثير من الأحيان، ورغم ذلك لا يمكننا أن نغفل حقيقة أن ريال مدريد فى سنواته الأخيرة كان مادة دسمة للإعلام والمحللين لوضع نظريات تفسر كيف حقق خمس بطولات أوروبية في تسع سنوات منها ثلاثية متتالية.

وهنا أتحدث عن ولاية زيدان الأولى، لأن ما قبل زيدان لم يشهد اللغط الذي عشناه في الفترة ما بين2016 حتي 2018، فمن وصف النادي الملكى بنادى التحكيم مرورا بوصفه بنادى الحظ والعشوائية تعددت الآراء المعلبة .

فهل تكمن الحقيقة في أحد هذه الأمور وحدها؟ أم هي مزيج منها جميعا؟ أم هي شئ آخر تماما؟

مبدئيا هناك أربع نقاط يتمحور حولها الحديث واللغط، وكان لها نصيب الأسد في الجدال القائم منذ سنوات:

  • زيدان بين 2016 – 2018
  • الحظ
  • التحكيم
  • الشخصية

– زيدان بين 2016-2018

دعونا نتذكر بداية القصة ونخوض في تفاصيلها، تولي زيدان دفة القيادة في 2016 بعد خسارة الكلاسيكو في البرنابيو وإقالة بنتيز، وهنا انقسمت الآراء، بعضها رأى أن زيدان قليل الخبرة نظرا لاقتصار خبراته التدريبية علي فريق ريال مدريد الثاني، وآراء أخري ذهبت إلى أن الفريق يحتاج مدربا ذا شخصية قوية وهادئة للم شمل غرفة الملابس.

قاد زيدان الفريق فى أول مواسمه إلي الفوز ببطولة دوري الأبطال، ولم يتلق سوي خسارتين من فولفسبورغ وأتلتكو مدريد، وكانت خسارة أتلتكو مدريد فى الدورى هى نقطة التحول بعد أن بدأ في إشراك كاسميرو في مركز الإرتكاز وتكوين ثلاثي خط الوسط- كروس وكاسميرو ومودرتش- الذي كان من أسباب تحقيق الثلاثية التاريخية.

ويعلم من تابع النادى الملكى هذا الموسم أن معظم انتصارات زيدان كانت رد فعل قوي من اللاعبين تجاه النادي والمدرب، والحقيقة أن زيدان لم يقم بتغييرات جذرية في الفريق، ولكنه أضاف الثقة و”الجرينتا” إلي غرفة الملابس، والتي كانت سببا في الفوز في العديد من المباريات في الدوري أو الأبطال، ومنها بالطبع مباراة فولفسبورغ وبرشلونة.

ولم يكن التغيير الأكبر فى هذا الموسم فنيا من حيث التشكيل أو طريقة اللعب، ولكنه كان تغييرا في عقلية اللاعبين وزرع روح الانتصار والتشبع بها، ثم جاء موسم 2017 والذي يصنف أنه أفضل مواسم الفريق مع زيدان.

وفي رأيي أن من أعظم إسهامات زيدان هذا الموسم:

1- المداورة ومنح دقائق متفاوتة للعديد من اللاعبين لدرجة أنه لعب نصف الدوري تقريبا بالبدلاء، فالفريق في 2017 كان يمتلك علي دكة البدلاء اسنسيو وفاسيكز وموراتا وجيمس وبيل وكوفاستش ودانيلو، ولكن زيدان استطاع أن يلعب بفريق في الدوري وفريق في الأبطال ويحقق أفضل النتائج بهم، فكان موسم 2017 هو أفضل مواسم اسكو وفاسكيز واسنسيو وربما ثاني أفضل مواسم جيمس، وكان موراتا من هدافي الفريق رغم أنه كان بديلا لبنزيما ولكنه استطاع حسم العديد من المباريات في الدوري، فيكفي أنه في هذا الموسم سجل 15 هدفا في الدوري.

2- القدرة علي إبقاء جميع نجوم الفريق سعداء وبعيدين عن الضغط الإعلامي، والمدهش أنه خلال 3 سنوات مع زيدان لم يشتكِ أي من اللاعبين إلى الإعلام لأنه لم يكن أساسيا، فالفريق فعلا كان يمتلك ترسانة في جميع المراكز ومن الصعب علي أي مدرب التحكم في كل هؤلاء النجوم دون حدوث مشاكل، وأعتقد أنه لم يجاريه في سيطرته علي عدد النجوم هذا غير بيب جوارديولا في السيتي.

3- استغلال إمكانيات لاعبيه إلى أقصى حد، ومن هنا كان موسما 2017 و2018 أعلي مستويات كروس ومودرتش وكاسميرو، وقدم كرفخال ومارسيلو أعظم أداءٍ لظهيري كرة قدم – في رأيي- منذ سنوات عديدة، وذلك بسبب طريقة لعب زيدان المعتمدة على العرضيات.

4- التأثير الذى لاينسى على رونالدو، فقد استطاع زيدان إقناع رونالدو بضرورة إراحته في مباريات الدوري حتي يكون جاهزا  لمباريات الأبطال، وكان واضحا تأثير ذلك علي استعداد رونالدو البدني في مباريات خروج المغلوب وتسجيله للأهداف.

– الحظ

رُوِّجَ أن العامل الأكبر في إنجازات “الميرينجى” في هذه الفترة كان الحظ والتوفيق في العديد من المباريات، فماهو الحظ؟ إننى لا أعرف حتى الآن إجابة عن هذا السؤال.

هل الحظ هو أن يضيع مهاجم الخصم أمامك فرصا عديدة؟ أو أن يخطئ دفاع الخصم فيتسبب في هدف في مرماه؟ بالتأكيد هذه عوامل مؤثرة، ولكن دعونا ننظر إلي الموضوع من زاوية أخري: فأنت عندما تضيع فرصا عديدة أو عندما تخطىء وتتسبب فى هدف فى فريقك فإن جزءا من ذلك يعود إلي تقصير منك وجزءا منه يعود إلي تألق الخصم فى استغلال هذه الأخطاء.

ومن أمثلة ذلك:

مثال(1) في مباراة باريس عام 2018 فى دورى الأبطال، والتى انتهت بفوز الفريق الأبيض3-1 عندما كانت النتيجة 1-1 ثم قرر زيدان الدفع باسنسيو واللعب بطريقه 4-2-4، ونتيجة لذلك تمركز اللعب كله ناحية اليسار- ناحية اسنسيو ومارسلو- وبسببهما جاء الهدفان، وقيل آنذاك أن الحظ كان وراء إحرازهما بسبب ارتطام الكرة في الحارس ثم المدافع، غير أن جزءا من المديح يجب أن يذهب للتغييرات التي قام بها زيدان.

مثال(2) فى مباراة بايرن ميونيخ الذهاب والإياب في 2018 أضاع بايرن فرصا بعدد رهيب، وكان فعلا الأفضل في المجمل واستطاع فرض أسلوبه، وهنا أيضا تم النظر للموضوع بزاوية البايرن فقط رغم أن جزءا من المديح يجب أن يذهب لكيلور نافاس لتصدياته الخرافية، وجزءا من سبب ضياع الفرص أيضا يعود لرعونة مهاجمي البايرن.

مثال(3) خطأ رافينيا الذي استغله اسنسيو، وأخطاء كارلوس واولريخ، كل هذه أخطاء من لاعبين قليلي الجودة ليسوا علي مستوي الحدث.

فالفكرة هنا أنك تنسب أخطاء المنافس للحظ رغم أن لاعبي مدريد لا يرتكبون مثل هذه الأخطاء، وليس عيبا استغلال هذه الأخطاء، فهذا يعود إلي جودة اللاعبين.

الخلاصة: نعم لعب الحظ دورا مهما مع النادى الملكى، ولكن الحظ ليس العامل الأكبر لأن جودة لاعبي الفريق الخارقة في هذا الوقت واستغلالهم جميع أخطاء الخصم كانت عاملا مؤثرا بنسبة أكبر، فكم لاعب يستطيع أن يسجل في مرمي اليوفي في آخر دقيقة ركلة جزاء بهذه الدقة والقوة؟ وكم لاعب بديل مثل جاريث بيل يستطيع أن يسجل هدفين في مباراة نهائية لدوري الأبطال؟

تعليقات الفيس بوك

الكاتب

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

اخر الأخبار